فصل: نتف

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: طبقات الشافعية الكبرى **


نتف

مما بلغنا عن الصحابة فمن بعدهم من علماء الأمة وأحبارها وصفوة القرون وأخبارها من إنشاد الأشعار والاستماع إليها في الجدو الهزل والهزل والبشارة والإنذار وذكر الأراجيز والرماح نواهل من الدماء والأكف طائرة ما بين الأرض والسماء

ولقد كانوا يستعينون بذلك على محاولة المرام ويدعوهم إنشاده إلى الوثوب على مرير الحمام وكن نسوتهم ينشدنه إذ ذاك تحريضا ويحملنهم به على أن يرتكبوا من المهولات طويلا وعريضا

قال عمرو بن عاصم الكلابي حدثني عبد الله بن الوازع حدثني هشام بن عروة عن أبيه عن الزبير بن العوام قال عرض رسول الله سيفا يوم أحد فقال من يأخذه بحقه فقمت فقلت أنا يا رسول الله فأعرض عني ثم قال من يأخذ هذا السيف بحقه فقام أبو دجانة سماك بن خرشة فقال أنا يا رسول الله فما حقه قال أن لا تقتل به مسلما ولا تفر به عن كافر قال فدفعه إليه وكان إذا أراد القتال أعلم بعصابة فقلت لأنظرن اليوم كيف يصنع فجعل

لا يرتفع له شيء إلا هتكه وأفراه حتى انتهى إلى نسوة في سفح جبل معهن دفوف لهن فيهن امرأة وهي تقول

نحن بنات طارق ** نمشي على النمارق

إن تقبلوا نعانق ** أو تدبروا نفارق

فراق غير وامق **

قال فأهوى بالسيف إلى المرأة ليضربها ثم كف عنها فلما انكشف القتال قلت له كل عملك قد رأيت ما خلا رفعك السيف على المرأة ثم لم تضربها قال أكرمت سيف رسول الله أن أقتل به امرأة

قلت هذه التي كانت ترتجز هي هند بنت عتبة

قال ابن الأعرابي قال لي المأمون يعني أمير المؤمنين أخبرني عن قول هند بنت عتبة

نحن بنات طارق ** نمشي على النمارق

من طارق هذا قال فنظرت في نسبها فلم أجده فقلت لا أعرفه فقال إنما أرادت النجم انتسبت إليه بحسنها

وقال عكرمة بن عمار حدثني إياس بن سلمة بن الأكوع حدثني أبي أن عمه عامرا أحدى بهم يعني في غزوة خيبر فقال رسول الله غفر لك ربك وقال ما خص بها أحدا إلا استشهد فقال عمر هلا متعتنا بعامر فقدمنا خيبر فخرج مرحب وهو يخطر بسيفه وهو يقول

قد علمت خيبر أني مرحب ** شاكي السلاح بطل مجرب

إذا الحروب أقبلت تلهب **

فبرز له عامر وهو يقول

قد علمت خيبر أني عامر ** شاكي السلاح بطل مغامر

قال فاختلفا ضربتين فوقع سيف مرحب في ترس عامر فذهب عامر يسفل له فرجع سيفه على نفسه فقطع أكحله وكانت فيها نفسه

قال سلمة فخرجت فإذا نفر من أصحاب النبي يقولون بطل عمل عامر قتل نفسه فأتيت رسول الله وأنا أبكي قال مالك فقلت قالوا إن عامرا بطل عمله فقال من قال ذلك قلت نفر من أصحابك قال كذب أولئك بل له الأجر مرتين قال فأرسل إلي علي يدعوه وهو أرمد فقال لأعطين الراية اليوم رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله

قال فجئت به أقوده قال فبصق رسول الله في عينيه فبرأ فأعطاه الراية

قال فبرز مرحب وهو يقول

قد علمت خيبر أني مرحب ** شاكي السلاح بطل مجرب

إذا الحروب أقبلت تلهب **

فبرز له علي رضي الله عنه وهو يقول

أنا الذي سمتني أمي حيدرة ** كليث غابات كريه المنظرة

أو فيهم بالصاع كيل السندره **

فضرب مرحبا ففلق رأسه فقتله وكان الفتح

أخرجه مسلم

وقال يونس عن ابن إسحاق حدثني عبد الله بن سهل الحارثي عن جابر بن عبد الله قال خرج مرحب اليهودي من حصن خيبر قد جمع سلاحه وهو يرتجز ويقول من يبارز فقال رسول الله من لهذا فقال محمد بن مسلمة أنا له أنا والله الموتور الثائر قتلوا أخي بالأمس قال قم إليه اللهم أعنه عليه فلما تقاربا دخلت بينهما شجرة عمرية فجعل كل واحد منهما يلوذ من صاحبه كلما لاذ بها أحدهما اقتطع سيفه ما دونه حتى برز كل واحد منهما لصاحبه وصارت بينهما كالرجل القائم ما فيها فنن ثم حمل على محمد بن مسلمة فضربه فاتقاه بالدرقة فعضت بسيفه فأمسكته وضربه محمد حتى قتله فقيل إنه ارتجز وقال

قد علمت خيبر أني ماضي ** حلو إذا شئت وسم قاضي

وكان ارتجاز مرحب

قد علمت خيبر أني مرحب ** شاكي السلاح بطل مجرب

إذا الليوث أقبلت تلهب ** وأحجمت عن صولة المقلب

أطعن أحيانا وحينا أضرب ** إن حماي للحمى لا يقرب

قلت قوله عمرية أي التي أتى عليها عمر وهذا قول من قال إن محمد بن مسلمة هو القاتل لمرحب لا على

وقال ابن إسحاق حدثني محمد بن إبراهيم التيمي عن أبي الهيثم بن نصر الأسلمي أن أباه حدثه أنه سمع رسول الله يقول في مسيره لخيبر لعامر بن الأكوع خذ لنا من هناتك فنزل يرتجز فقال

والله لولا الله ما اهتدينا ** ولا تصدقنا ولا صلينا

إنا إذا قوم بغوا علينا ** وإن أرادوا فتنة أبينا

فأنزلن سكينة علينا ** وثبت الأقدام إن لاقينا

فقال رسول الله يرحمك الله فقال عمر وجبت والله يا رسول الله لو أمتعتنا به فقتل يوم خيبر شهيدا

أخبرنا أبو العباس أحمد بن علي بن الحسن بن داود الحنبلي قراءة عليه وأنا أسمع أخبرنا أبو منصور عبد القادر بن عبد الجبار بن عبد القادر القزويني إجازة أخبرنا ابن شايتل أخبرنا أبو سعد محمد بن عبد الكريم بن خشيش أخبرنا أبو علي ابن شاذان أخبرنا أبو بكر أحمد بن سلمان بن الحسن النجاد حدثنا الحسن بن مكرم بن حسان حدثنا شبابة بن سوار حدثنا شعبة ويونس بن أبي إسحاق وابنه إسرائيل بن يونس عن أبي إسحاق

ح وأخبرنا محمد بن محمد عربشاه الهمداني سماعا عليه أخبرنا ابن أبي اليسر حضورا في الرابعة أخبرنا الخشوعي سماعا وإسماعيل الجنزوي إجازة قالا أخبرنا هبة الله بن أحمد بن محمد الأكفاني أخبرنا أبو القاسم الحسين بن محمد بن إبراهيم الحنائي حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبد الله بن هلال الحنائي حدثنا أبو يوسف يعقوب بن أحمد بن عبد الرحمن الجصاص الدعا حدثنا أحمد بن الحجاج حدثنا محمد

ابن عمر بن حفص حدثنا أبي عن الأعمش عن أبي إسحاق عن البراء حدثهم أن رسول الله كان يقول

وفي الرواية الأولى سمعت البراء بن عازب يقول رأيت النبي يوم الخندق وهو ينقل التراب وقد وارى التراب شعر صدره وهو يرتجز بكلمة عبد الله بن رواحة يقول

والله لولا الله ما أهتدينا ** ولا تصدقنا ولا صلينا

فأنزلن سكينة علينا ** وثبت الأقدام إن لاقينا

إن الأولى قد بغوا علينا **

وفي رواية

** وإن أرادوا فتنة أبينا **

وفي رواية ثم يمد بها رسول الله صوته

وفي رواية اللهم بدل والله

وسمعت بعض المشايخ يقولها لاهم وهي لغة في اللهم والوزن معها قائم وعليها قول قائلهم

لا هم إني ناشد محمدا ** حلف أبينا وأبيه الأتلدا

ليس هذا الحديث من رواية إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي عن جده في شيء من الكتب الستة

وهو من حديث شعبة عن أبي إسحاق في الصحيحين

أخبرتنا أم محمد زهرة بنت الشيخ المحدث جمال الدين عمر بن حسين بن أبي بكر الختني الحنفي قراءة عليها وأنا حاضر في الثانية بقراءة أبي رحمه الله بالقاهرة قالت أخبرنا نجيب الدين أبو الفرج عبد اللطيف ابن الإمام أبي محمد عبد المنعم بن علي بن نصر الصيقل الحراني حضورا في الرابعة أخبرنا أخبرنا مسعود بن أبي القاسم بن عبد الكريم بن الحسن بن غيث الدقاق أخبرنا الحافظ أبو القاسم إسماعيل بن أحمد ابن عمر السمرقندي سنة ست وعشرين وخمسمائة أخبرنا الشيخ أبو القاسم الفضل بن أبي حرب أحمد بن محمد بن عيسى الجرجاني النيسابوري قراءة عليه في ثاني عشر شوال سنة ثمانين وأربعمائة أخبرنا القاضي أبو بكر أحمد بن الحسن بن أحمد الحيري أخبرنا أبو علي محمد بن أحمد المعقلي حدثنا محمد بن يحيى الذهلي حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن أنس بن مالك أن النبي دخل مكة في عمرة القضاءوعبد الله بن رواحة بين يديه قال محمد قال عبد الرزاق مرة وعبد الله بن رواحة آخذ بغرز النبي وهو يقول

خلوا بني الكفار عن سبيله ** قد أنزل الرحمن في تنزيله

بأن خير القتل في سبيله **

ليس من رواية الزهري عن أنس في شيء من الكتب الستة

وروى الزبير بن بكار أن الخنساء بنت عمرو بن الشريد السلمية في بنين لها أربعة شهدت معهم حرب القادسية فقالت لهم إنكم أسلمتم طائعين وهاجرتم مختارين وذكرت من صونها لبنيها وعدم خيانتها لأبيهم ما ذكرت ثم قالت لهم وقد تعلمون ما أعد الله لكم من الثواب الجزيل في حرب الكافرين واعلموا أن الدار الباقية خير من الدار الفانية فإذا أصبحتم غدا إن شاء الله سالمين فاغدوا إلى قتال عدوكم مستبصرين وبالله على أعدائه مستنصرين فإذا رأيتم الحرب قد شمرت عن ساقها واضطرب لظاها على سياقها وجللت نارا على أوراقها فتيمموا وطيسها وجالدوا رئيسها عند احتدام خميسها تظفروا بالمغنم والكرامة في دار الخلد والمقامة

فخرج بنوها قابلين لنصحها فلما أضاء لهم الصبح باكروا مراكزهم وأنشأ أولهم يقول

يا إخوتي إن العجوز الناصحة ** قد نصحتنا إذ دعتنا البارحة

مقالة ذات بيان واضحة ** فباكروا الحرب الضروس الكالحة

وإنما تلقون عند الصائحة ** من آل ساسان كلابا نابحه

قد أيقنوا منكم بوقع الجائحة ** وأنتم بين حياة صالحة

أو ميتة تورث غنما صالحة **

وتقدم فقاتل حتى قتل رحمه الله تعالى ثم تقدم الثاني وهو يقول

إن العجوز ذات حزم وجلد ** والنظر الأوفق والرأي الأسد

قد أمرتنا بالسداد والرشد ** نصيحة منها وبرا بالولد

فباكروا الحرب حماة في العدد ** إما لفوز بارد على الكبد

أو ميتة تورثكم غنم الأبد ** في جنة الفردوس والعيش الرغد

فقاتل حتى استشهد رحمه الله تعالى ثم تقدم الثالث وهو يقول

والله لا نعصى العجوز حرفا ** قد أمرتنا حدبا وعطفا

نصحا وبرا صادقا ولطفا ** فبادروا الحرب الضروس زحفا

حتى تلفوا آل كسرى لفا ** وتكشفوهم عن حماكم كشفا

فقاتل حتى استشهد رحمه الله تعالى وحمل الرابع وهو يقول

لست لخنسا ولا للأخرم ** ولا لعمرو ذي السناء الأقدم

إن لم أرد في الجيش جيش العجم ** ماض على الهول خضم خضرم

إما لفوز عاجل ومغنم ** أو لوفاة في السبيل الأكرم

فقاتل حتى قتل رحمه الله تعالى فبلغ خبرهم الخنساء أمهم فقالت الحمد لله الذي شرفني بقتلهم وأرجو من ربي أن يجمعني بهم في مستقر رحمته فكان عمر ابن الخطاب رضي الله عنه يعطي الخنساء بعد ذلك أرزاق أولادها الأربعة لكل واحد منهم مائتي درهم

وقال الحاكم أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو بكر محمد بن داود بن سليمان الزاهد حدثنا محمد بن مكي بن أحمد بن ماهان البلخي قدم نيسابور حاجا حدثنا العباس أحمد بن العباس بن عيسى من ولد عبد الله بن رواحة صاحب رسول الله حدثنا الحسن بن مالك الخزاعي قال سمعت أبا حسان العباسي يقول وقفت

علينا جارية ونحن بالربذة وعلى وجهها برقع فقالت يا معشر الحجيج نفر من عكل ذهب بنعيمهم السيل وشرست عليهم الأيام جدبا جدبا حتى ما بهم قعدة ولا نعجة فمن يراقب فيهم الدار الآخرة ويعرف لهم حق الآصرة جزي خيرا

قال فرضخنا لها وقلنا لها هل قلت في سوء حالكم شعرا

قالت نعم ثم أنشأت تقول

كف الزمان عليها الصبر والصاب ** شلت أناملها عن الأعراب

قوم إذا لجأ العفاة إليهم ** أعطوا نوافلهم بغير حساب

قلت فأمتعينا بالنظر إلى وجهك فكشفت الربقع عن وجه لا تهتدي القلوب لحسن وصفها ثم أنشأت تقول

الدهر أبدى صفحة قد صانها ** أبواي قبل تغير الأيام

فتمتعوا بعيونكم في حسنها ** وانهوا جوارحكم عن الآثام

فكان شعرها مما زادني فيها رغبة فقلت ويحك هل لك فيمن يغنيك ويغني حيك

فقالت والله ما نحن أكثر من خمسة نفر أنا وأم وأختان وأخ لم ييفع بعد وفي رزق الله لجميع خلقه غنى عن اتباعه ببيع الأنفس

قلت ويحك هذا التزويج الذي أحله الله وأنا ابن عم نبي الله ومالي لا يضبطه الحساب كثرة

قالت إن في جمالك غنى عن مالك وإن فيها بعدا لنهاية الأمل ولكن لست ممن يضمهن إلى الرجال الجمال وكثرة المال

قلت فنصيبك يخلصك من الفقر الذي أنتم فيه

قالت والله لأكل القديد أهون من الانخفاض لمن يمن بماله على من ليس له مثل حاله وما لي لا أكون كالزباء بنت عمير بن المورق قيل لها لو تزوجت في عنفوان شبابك وصفو جمالك لعلمت لذة الحياة قالت والله لأعيش في غير بدني لم تملكني يد ذي مال ولا صرعتني الرغبة في الرجال أحب إلي من ملك الأرض وخزائن الخلق ثم أنشأت تقول

أمن بعد أن أمسى وأصبح حرة ** وليس علي للرجال يدان

أصير لزوج مثل مملوكه له ** لبئس إذا ما يكتب الملكان

لعيش بضر أو بضنك وحاجة ** مع العز خير من صروف لسان

فثكلتني أمي إن لم أكن مثلها في عز النفس وكرم الخيم

قال فقلت ما ظننت أن امرأة من الأرض ترغب عن الرجال

قالت بأبي وأمي فاجعل ظنك يقينا فوالذي خلقني لقد خطبني عشرة نفر ما منهم دونك في الحسن والجمال وحسن الخلق فما مالت نفسي إلى واحد منهم رغبة مني عن ذلك النتاج وتسلط الأزواج ثم ولت كأن لم يكن بيني وبينها كلام

قال علي بن الجهم قلت يوما بحضرة الفضل جارية أمير المؤمنين المتوكل وهو حاضر

لاذ بها يشتكي إليها ** فلم يجد عندها ملاذا

فقال لها المتوكل أجيزي فقالت

ولم يزل ضارعا إليها ** تهطل أجفانه رذاذا

فعاتبوه فزاد عشقا ** فمات وجدا فكان ماذا

وعن أبي بكرة وقف أعرابي على أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال

يا عمر الخير جزيت الجنة ** أكس بنياتي وأمهنه

أقسم بالله لتفعلنه **

فقال عمر وإن لم أفعل يكون ماذا فقال

إذا أبا حفص لأمضينه **

قال فإن مضيت يكون ماذا قال

والله عنهن لتسألنه ** يوم يكون الأعطيات ثنه

أي ثمة أبدل الميم نونا وهي لغة

والواقف المسئول ينهينه ** إما إلى نار وإما جنه

فبكى عمر حتى اخضلت لحيته وقال لغلامه يا غلام أعط قميصي هذا لذلك اليوم لا لشعره ثم قال والله لا أملك غيره

أخبرنا أبو العباس أحمد بن علي بن الحسن بن داود الجزري قراءة عليه وأنا أسمع أخبرنا عبد الحميد بن عبد الهادي بن يوسف المقدسي حضورا في الثالثة وإبراهيم ابن خليل إجازة قالا أخبرنا إسماعيل بن علي بن إبراهيم الجنزوي أخبرنا ياقوت ابن عبد الله مولى ابن البخاري أخبرنا عبد الله بن محمد الصريفيني أخبرنا أبو طاهر محمد بن عبد الرحمن المخلص أخبرنا أبو عبد الله أحمد بن سليمان الطوسي أخبرنا الزبير بن بكار حدثني موسى بن جعفر بن أبي كثير حدثني عبد العزيز ابن عبد الله بن أبي سلمة عن الثقة أن عبد الله بن رواحة الأنصاري كانت له جارية فاتهمته امرأته أن يكون أصابها فقالت إنك الآن جنب منها فأنكر ذلك فقالت فإن كنت صادقا فاقرأ القرآن وقد عهدته لا يقرأ القرآن وهو جنب فقال

شهدت بأن وعد الله حق ** وأن النار مثوى الكافرينا

وأن العرش فوق الماء طاف ** وفوق العرش رب العالمينا

ويحمله ثمانية شداد ** ملائكة الإله مسومينا

ما أحسن قول الإمام الرافعي في كتاب الأمالي وقد أورد هذه الأبيات هذه الفوقية فوقية العظمة والاستغناء في مقابلة صفة الموسومين بصفة العجز والفناء

قلت ولم يخرج هذا الأثر في شيء من الكتب الستة

وقد اتفق نظير هذه الحكاية فإن المدائني ذكر أن طائفا من أهل خراسان لقى سكران بالكوفة فأخذه وقال أنت سكران فأنكر فقال اقرأ حتى أسمع فقال

ذكر القلب الربابا ** بعد ما شابت وشابا

إن دين الحب فرض ** لا ترى فيه ارتيابا

فخلاه وقال قاتلكم الله ما أقرأكم للقرآن صحاة وسكارى

واعلم أن الأثر عن عبد الله بن رواحة روى على وجه آخر وبشعر آخر فرواه الدارقطني من حديث زمعة بن صالح عن سلمة بن وهرام عن عكرمة قال كان عبد الله بن رواحة مضطجعا إلى جنب امرأته فقام إلى جارية له في ناحية الحجرة فوقع عليها وفزعت امرأته فلم تجده في مضجعه فقامت فخرجت فرأته على جاريته فرجعت إلى البيت فأخذت الشفرة ثم خرجت وفرغ فقام فلقيها تحمل الشفرة فقال مهيم قالت لو أدركتك حيث رأيتك لوجأت بين كتفيك بهذه الشفرة قال وأين رأيتيني قالت رأيتك على الجارية قال ما رأيتني وقد نهانا رسول الله أن يقرأ أحدنا القرآن وهو جنب قالت فاقرأ فقال

أتانا رسول الله يتلو كتابه ** كما لاح مشهود من الفجر ساطع

أتى بالهدى بعد العمى فقلوبنا ** به موقنات أن ما قال واقع

يبيت يجافى جنبه عن فراشه ** إذا استثقلت بالمشركين المضاجع

فقالت آمنت بالله وكذبت البصر

ثم غدا على رسول الله فأخبره فضحك حتى بدت نواجذه كذا رواه الدارقطني مرسلا

ورواه من وجه عن زمعة عن عكرمة عن ابن عباس متصلا وزمعة وشيخه سلمة بن وهرام متكلم فيهما

وعن الأصمعي حججت فبينا أنا أطوف ليلة حول البيت إذ أقبلت جاريتان لم أر أحسن منهما فطافتا سبعا ثم وقفتا تتحدثان فنصت إليهما وإذا إحداهما تقول

لا يقبل الله من معشوقة عملا ** يوما وعاشقها غضبان مهجور

فأجابتها الأخرى

وليس يأجرها في قتل عاشقها ** لكن عاشقها في ذاك مأجور

فقلت لهما يا حزب الشيطان في مثل هذا الموضع تقولان هذا القول فنظرت إلى إحداهما فقالت لارهقك الحب فقلت لهما وما الحب فقالت جل عن أن يخفى وخفي عن أن يرى فهو كامن في الأحشاء مثل كمون النار في الحجر إن قدحته أورى وإن تركته توارى فقلت لها قاتلك الله ما أوصفك للحب فقالت اسمع يا شيخ نحن كما قال جرير

حور حرائر ما هممن بريبة ** كظباء مكة صيدهن حرام

يحسبن من لين الحديث زوانيا ** ويصدهن عن الخنا الإسلام

أخبرنا أحمد بن علي الجزري سماعا أخبرنا عبد الحميد بن عبد الهادي حضورا في الثالثة وإبراهيم بن خليل إجازة أخبرنا إسماعيل الجنزوي أخبرنا ياقوت بن عبد الله

أخبرنا عبد الله بن محمد الصريفيني أخبرنا أبو طاهر المخلص أخبرنا حمد بن سليمان الطوسي أخبرنا الزبير بن بكار حدثني إبراهيم بن المنذر عن معن بن عيسى قال جاء ابن سرحون السلمي إلى مالك بن أنس وأنا عنده وقال له يا أبا عبد الله إني قد قلت أبياتا من شعر ذكرتك فيها فأنا أحب أن تجعلني في سعة فقال له مالك وأنت في حل مما ذكرتني به وتغير وجهه فظن أنه هجاه فقال له إني أحب أن تسمعها فقال له مالك فأنشدني فقال

سلوا مالك المفتي عن اللهو والصبا ** وحب الحسان المعجبات الفوارك

ينبئكم أني مصيب وإنما ** أسلى هموم النفس عني بذلك

فهل في محب يكتم الحب والهوى ** أثام وهل في ضمة المتهالك

قال قال لي معن فسرى عن مالك وضحك

وروينا أن سعيد بن المسيب رضي الله عنه مر ببعض أزقة البصرة فسمع قائلا يقول

تضوع مسكا بطن نعمان إذ مشت ** به زينب في نسوة خفرات

لها أرج من مجمر الهند ساطع ** تطلع رياه من الكفرات

فضرب سعيد برجله الأرض وقال هذا والله يلذ سماعه ثم قال

يخبئن أطراف البنان من التقى ** ويخرجن جنح الليل معتجرات

وليست كأخرى وسعت جيب درعها ** وأبدت بنان الكف بالجمرات

وقامت ترائي يوم جمع فأفتنت ** برؤيتها من راح من عرفات

والأبيات لمحمد بن عبد الله النميري الشاعر وزينب هي أخت الحجاج بن يوسف وفي الأبيات يقول

ولما رأت ركب النميري أعرضت ** وكن من ان يلقينه حذرات

وكان النميري يشبب بها وقيل إنه هرب من الحجاج فطلبه فلما أتى به ارتاع منه وقال والله أيها الأمير إن قلت إلا خيرا وإنما قلت

يخبئن أطراف البنان من التقى ** ويخرجن جنح الليل معتجزات

فعفى عنه وقال أخبرني عن قولك ولما رأت ركب النميري في كم كنت قال والله ما كنت إلا على حمار هزيل ومعي صاحب لي على أتان مثله

والكلمة المذكورة نحو عشرين بيتا وروى فيها أخبار كثيرة في أمر النميري والحجاج بن يوسف

وقوله يخبئن بالخاء المعجمة من الخبء وفي القرآن ‏{‏يُخْرِجُ الْخَبْءَ‏}‏ وفي الحديث خبأت لك خبأ ولفظ يخبئن مضبوط كذلك في كامل المبرد وغيره

وروينا عن الزيادي والهيثم بن عدي قالا نزل بامرأة رجل من العرب والمرأة من بني عامر فأكرمته وأحسنت قراه فلما أراد الرحيل تمثل ببيت يهجوها فيه

لعمرك ما تبلى سرابيل عامر ** من اللؤم ما دامت عليها جلودها

فلما أنشده قالت لجاريتها قولي له ألم تحسن إليك وتفعل وتفعل هل رأيت تقصيرا قال لا قالت فما حملك على البيت قال جرى على لساني فخرجت إليه جارية من بعض الأخبية فحدثته حتى أنس واطمأن

ثم قالت له ممن أنت يا ابن عم

قال رجل من بني تميم

قالت أتعرف الذي يقول

تميم بطرق اللؤم أهدي من القطا ** ولو سلكت سبل المكارم صلت

أرى الليل يجلوه النهار ولا أرى ** خلال المخازي عن تميم تجلت

ولو أن برغوثا على ظهر قملة ** يكر على صفي تميم لولت

ولو جمعت يوما تميم جموعها ** على ذرة مربوطة لاستقلت

تميم كجحش السوء يرضع أمه ** ويتبعها بالرغم إن هي ولت

ذبحنا فسمينا على ما ذبيحنا ** وما ذبحت يوما تميم فسمت

قال لا والله ما أنا من تميم

قالت ما أقبح الكذب بأهله فممن أنت

قال رجل من بني ضبة

قالت أفتعرف الذي يقول

لقد زرقت عيناك يا ابن معكبر ** كما كل ضبي من اللؤم أزرق

قال لا والله ما أنا من بني ضبة

قالت فممن

قال من بني عجل

قالت أفتعرف القائل

أرى الناس يعطون الجزيل وإنما ** عطاء بني عجل ثلاث وأربع

إذا مات عجلي بأرض فإنما ** يخط له فيها ذراع وإصبع

قال لا والله ما أنا من بني عجل

قالت فممن

قال من الأزد

قالت أفتعرف القائل

فما جزعت أزدية من ختانها ** ولا أكلت لحم القنيص المعقب

ولا جاءها القناص بالصيد في الخبا ** ولا شربت في جلد حوت معلب

قال لا والله ما أنا من الأزد

قالت فممن

قال من بني عبس

قالت أفتعرف القائل

إذا عبسية ولدت غلاما ** فبشرها بلؤم مستفاد

قال لا والله ما أنا من بني عبس

قالت فممن

قال من بني فزازة

قالت أفتعرف القائل

لا تأمنن فزاريا خلوت به ** على قلوصك واكتبها بأسيار

قال لا والله ما أنا من بني فزارة

قالت فممن

قال من بجيلة

قالت أفتعرف القائل

سألنا عن بجيلة حين جاءت ** لتخبر أين قر بها القرار

فما تدري بجيلة إذ سألنا ** أقحطان أبوها أم نزار

فقد وقعت بجيلة بين بين ** وقد خلعت كما خلع العذار

قال لا والله ما أنا من بجيلة

قالت فممن

قال من بني نمير

قالت أفتعرف القائل

فغض الطرف إنك من نمير ** فلا كعبا بلغت ولا كلابا

ولو وضعت فقاح بني نمير ** على خبث الحديد إذا لذابا

قال لا والله ما أنا من بني نمير

قالت فممن

قال من بني باهلة

قالت أفتعرف القائل

إذا نص الكرام إلى المعالي ** تنحى الباهلي عن الزحام

إذا ولدت حليلة باهلي ** غلاما زيد في عدد اللئام

ولو كان الخليفة باهليا ** لقصر عن مساماة الكرام

وعرض الباهلي وإن توقى ** عليه مثل منديل الطعام

قال لا والله ما أنا من باهلة

قالت فممن

قال من ثقيف

قالت أفتعرف القائل

أضل الناسبين لنا ثقيف ** فما لهم أب إلا الضلال

فإن نسبت أو انتسبت ثقيف ** إلى أحد فذاك هو المحال

خنازير الحشوش فقاتلوهم ** فإن دماءهم لكم حلال

قال لا والله ما أنا من ثقيف

قالت فممن

قال من سليح

قالت أفتعرف القائل

فإن سليحا شتت الله شملها **

قال لا والله ما أنا من سليح

قالت فممن

قال من خزاعة

قالت أفتعرف القائل

إذا فخرت خزاعة في ندى ** وجدنا فخرها شرب الخمور

وباعت كعبة الرحمن جهلا ** بزق بئس مفتخر الفجور

قال لا والله ما أنا من خزاعة

قالت فممن

قال من بني يشكر

قالت أفتعرف القائل

ويشكر لا تستطيع الوفا ** ولو رامت الغدر لم تغدر

قبيلة عيشتها في الكرى ** لئام المناخر والعنصر

قال لا والله ما أنا من يشكر

قالت فممن

قال من بني أمية

قالت أفتعرف القائل

وهي من أمية بنياتها ** فهان على الناس فقدانها

وكانت أمية فيما مضى ** جريا على الله سلطانها

فلا آل حرب أطاعوا الإله ** ولم يتق الله مروانها

قال لا والله ما أنا من بني أمية

قالت فممن

قال من عنزة

قالت أفتعرف القائل

ما كنت أخشى وإن كان الزمان لنا ** زمان سوء بأن تغتابني عنزه

فلست من وائل إن كنت ذا حذر ** ممن يضل كما قد ضلت الحرزه

قال لا والله ما أنا من عنزة

قالت فممن

قال من كندة

قالت أفتعرف القائل

إذا ما افتخر الكندي ** م ذو البهجة بالطره

فدع كندة للنسج ** فأعلا فخرها غره

قال لا والله ما أنا كندة

قالت فممن

قال من بني أسد

قالت أفتعرف القائل

إذا أسدية بلغت ذراعا ** فزوجها ولا تأمن زناها

وإن أسدية خضبت يديها ** ولما تزن أشرك والداها

قال لا والله ما أنا من بني أسد

قالت فممن

قال من همدان

قالت أفتعرف القائل

إذا همدان دارت يوم حرب ** رحاها فوق هامات الرجال

رأيتهم يحثون المطايا ** سراعا هاربين من القتال

قال لا والله ما أنا من همدان

قالت فممن

قال من نهد

قالت أفتعرف القائل

نهد لئام إذا ما حل ضيفهم ** سود وجوههم كالزفت والقار

والمستغيث بنهد عند كربته ** كالمستجير من الرمضاء بالنار

قال لا والله ما أنا من نهد

قالت فممن

قال من قضاعة

قالت أفتعرف القائل

لا يفخرن قضاعي بأسرته ** فليس من يمن محضا ولا مضر

مذبذبين فلا قحطان والدهم ** ولا نزار فسيبهم إلى سقر

قال لا والله ما أنا من قضاعة

قالت فممن

قال من بني شيبان

قالت أفتعرف القائل

شيبان رهط لهم عديد ** وكلهم معرق لئيم

شربهم من فضول ماء ** يفضل عن أسوة العميم

قال لا والله ما أنا من شيبان

قالت فممن

قال من تنوخ

قالت أفتعرف القائل

إذا تنوخ قطعت منهلا ** في طلب الغارات والثار

أتت من بحري مرار العلى ** وشهرة في الأهل والجار

قال لا والله ما أنا من تنوخ

قالت فممن

قال من ذهل

قالت أفتعرف القائل

إن ذهلا لا يسعد الله ذهلا ** شر جيل يظل تحت السماء

قال لا والله ما أنا من ذهل

قالت فممن

قال من مزينة

قالت أفتعرف القائل

وهل مزينة إلا من قبيلة ** لا يرتجى كرم فيها ولا دين

قال لا والله ما أنا من مزينة

قالت فممن

قال من النخع

قالت أفتعرف القائل

إذا النخع اللئام عدوا جميعا ** تدكدكت الجبال من الزحام

وما يغنى إذا صدقت فتيلا ** ولا هي في الصميم من الكرام

قال لا والله ما أنا من النخع

قالت فممن

قال من طي

قالت أفتعرف القائل

وما طيىء إلا نبيط تجمعت ** فقالوا طيايا كلمة فاستمرت

ولو أن عصفورا يمد جناحه ** على دور طي كلها لاستظلت

قال لا والله ما أنا من طي

قالت فممن

قال من عك

قالت أفتعرف القائل

عك لئام كلهم أبك ** ليس لهم من الملام فك

قال لا والله ما أنا من عك

قالت فممن

قال من لخم

قالت أفتعرف القائل

إذا ما اجتبى قوم لفضل قديمهم ** تباعد فخر الجود عن لخم أجمعا

قال لا والله ما أنا من لخم

قالت فممن

قال من جذام

قالت أفتعرف القائل

إذا كأس المدام أدير يوما ** لمكرمة تنحى عن جذام

قال لا والله ما أنا من جذام

قالت فممن

قال من كلب

قالت أفتعرف القائل

فلا تقربن كلبا ولا باب دارها ** ولا يطمعن سار يرى ضوء نارها

قال لا والله ما أنا من كلب

قالت فممن

قال من بلقين

قالت أفتعرف القائل

إذا ما سألت اللؤم أين محله ** تصب عند بلقين له طرفان

قال لا والله ما أنا من بلقين

قالت فممن

قال من بني الحارث بن كعب

قالت أفتعرف القائل

حار بن كعب ألا أحلام تحجزكم ** عنا وأنتم من الجوف الجماخير

لا عيب في القوم من طول ومن عظم ** جسم البغال وأحلام العصافير

قال لا والله ما أنا من بني الحارث بن كعب

قالت فممن

قال من بني سليم

قالت أفتعرف القائل

إذا ما سليم جئتها في ملمة ** رجعت كما قد جئت خزيان نادما

قال لا والله ما أنا من سليم

قالت فممن

قال من فارس

قالت أفتعرف القائل

ألا قل لمعتر وطالب حاجة ** يريد بنجح نفعها وقضاها

فلا تقرب الفرس اللئام فإنهم ** يردون مولاهم بخبث دراها

قال لا والله ما أنا من فارس

قالت فممن

قال من الموالى

قالت أفتعرف القائل

ألا من أراد اللؤم والفحش والخنا ** فعند الموالى الجيد والكتفان

قال لا والله ما أنا من الموالى

قالت فممن

قال رجل من ولد حام

قالت أفتعرف القائل

ولا تنكحوا أولاد حام فإنهم ** مشاويه خلق الله حاشا ابن أكوع

قال لا والله ما أنا من حام

قالت فممن

قال رجل من الشيطان الرجيم

قالت فعليك لعنة الله وعلى الشيطان الرجيم أفتعرف الذي يقول

ألا يا عباد الله هذا عدوكم ** وذا ابن عدو الله إبليس خاسئا

قال الله الله أقيليني العثرة فوالله ما ابتليت بمثلك قط

فانظر نساء الأعراب وأدبهن ولو أكثرنا في هذا لطال الخطاب وفي شعر الخنساء وأنظارها ما يشهد لهن وبالله التوفيق

قال المبارك بن محمد بن الأخوة خرج رجل على سبيل الفرجة يعني من بغداد فقعد على الجسر فأقبلت امرأة من جهة الرصافة موجهة إلى الجانب الغربي فاستقبلها شاب فقال لها رحم الله علي بن الجهم فقالت المرأة رحم الله أبا العلاء المعري وما وقفا ومرا مشرقة ومغربا فتبعت المرأة وقلت إن لم تقولي ما قال لك فضحتك وتعلقت بها فقالت أراد الشاب قول علي بن الجهم

عيون المها بين الرصافة والجسر ** جلبن الهوى من حيث أدرى ولا أدري

وأردت أنا قول المعري

فيا دارها بالحزن إن مزارها ** قريب ولكن دون ذلك أهوال

ذكرها ابن الجوزي في الأذكياء

وذكر أن أبا بكر بن العربي رحمه الله قال سمعت فتاة من بغداد تقول لجارتها لو كان مذهب ابن عباس في الاستثناء صحيحا لما قال الله تعالى لأيوب عليه السلام ‏{‏وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِب بِّهِ وَلا تَحْنَثْ‏}‏ بل كان يقول استثن حكاه أبو العباس القرافي

وحكى أن تاجرا سافر من مصر بعبدين فأرادا قتله في الطريق فقال لهما قولا لبنتي إذا دخلتما مصر قال لكما أبو كما

من مبلغ بنتي عني أنني ** لله دركما ودر أبيكما

فحفظاه ثم قتلاه ورجعا إلى مصر فلما كان بعد مدة تذكرا وصيته فجاءا إلى بيت بنتيه فقالا لإحداهما البيت فطلعت من باب الغرفة إلى عند أختها فحكت لها الحكاية فقالت أواه إن أبانا لمقتول قالت ومن أين لك قالت إنه يشير إلى قول الشاعر

من مبلغ بنتي عني أنني ** أصبحت مقتول الفلاة مجندلا

لله دركما ودر أبيكما ** لا يفلت العبدان حتى يقتلا

فأخذ العبدان واستقرا فأقرا بقتله حكاه صاحب بدائع البدائه

أخبرنا أبو العباس أحمد بن يوسف بن أحمد الخلاطي قراءة عليه وأنا أسمع بالقاهرة أخبرنا نفيس الدين عبد الرحمن بن عبد الكريم بن أبي القاسم سماعا اخبرنا والدي سماعا حدثنا أبو الفضل عبد الله بن أحمد بن محمد الطوسي أخبرنا أحمد يعني أبا الحسين بن عبد القادر البغدادي حدثنا حامد بن سهل البغوي أبو جعفر حدثنا محمد بن كثير المصيصي عن مخلد بن حسين عن هشام بن حسان عن ابن سيرين قال كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه فذكر حكاية نصر بن حجاج

وقد ساقها الخرائطي على وجه أبسط منه وهو أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه بينا هو يطوف في سكة من سكك المدينة إذ سمع امرأة تهتف في خدرها وهي تقول

هل من سبيل إلى خمر فأشربها ** أم من سبيل إلى نصر بن حجاج

إلى فتى ماجد الأعراق مقتبل ** سهل المحيا كريم غير ملجاج

تنمية أعراق صدق حين تنسبه ** أخي حفاظ عن المكروب فراج

سامي المواطن من بهز له نهل ** تضيء صورته للحالك الداجي

فقال عمر رضي الله عنه أرى معي في المصر من تهتف به العواتق في خدورها علي بنصر بن حجاج وهو نصر بن حجاج بن علاط كان والده من الصحابة فأتي به فإذا هو من أحسن الناس وجها وعينا وشعرا فأمر بشعره فجز فخرجت له جبهة كأنها شقة قمر فأمره أن يعتم فاعتم فافتتن النساء بعينيه فقال عمر والله لا تساكني ببلدة أنا بها قال يا أمير المؤمنين ولم قال هو ماأقول لك فسيره إلى البصرة وخشيت المرأة التي سمعها عمر أن يبدر من عمر في حقها شيء فدست إليه أبياتا

قل للإمام الذي تخشى بوادره ** مالي وللخمر أو نصر بن حجاج

إني منيت أبا حفص بغيرهما ** شرب الحليب وطرف فاتر ساج

إن الهوى زمه التقوى فحبسه ** حتى أقر بإلجام وإسراج

ما منية لم أرب فيها بضائرة ** والناس من صادق فيها ومن داج

لا تجعل الظن حقا أو تيقنه ** إن السبيل سبيل الخائف الراجي

قال فبكى عمر وقال الحمد لله الذي حبس التقوى الهوى

قال وأتى على نصر حين واشتد ألم أمه فعرضت لعمر بين الأذان والإقامة فلما خرج يريد الصلاة قالت يا أمير المؤمنين لأجاثينك بين يدي الله سبحانه وتعالى ثم لأخاصمنك أيبيت عبد الله وعاصم إلى جنبك وبيني وبين ابني الفيافي والمفاوز فقال لها يا أم نصر

إن عبد الله وعاصما لم تهتف بهما العواتق في خدورهن فانصرفت ومضى عمر إلى الصلاة

قال وأبرد عمر بريدا إلى البصرة فمكث بالبصرة أياما ثم نادى مناديه من أراد أن يكتب إلى المدينة فليكتب فإن بريد المسلمين خارج فكتب الناس وكتب نصر بن حجاج سلام عليك أما بعد يا أمير المؤمنين

لعمري لئن سيرتني وحرمتني ** فما نلت من عرضي عليك حرام

وما لي ذنب غير ظن ظننته ** وفي بعض تصديق الظنون أثام

أأن غنت الذلفاء يوما بمنية ** وبعض أماني النساء غرام

ظننت بي الأمر الذي ليس بعده ** بقاء فما لي في الندى كلام

فأصبحت منفيا على غير ريبة ** وقد كان لي بالمكتين مقام

ويمنعني مما تقول تكرمي ** وآباء صدق سابقون كرام

ويمنعها مما تقول صلاتها ** وحال لها في قومها وصيام

فهاتان حالانا فهل أنت راجعي ** فقد جب منا غارب وسنام

فقال عمر أما ولي إمارة فلا وأقطعه مالا بالبصرة ودارا

قال أبو بكر الخرائطي رحم الله عمر ما كان أنظره بنور الله في ذات الله وأفرسه كان والله كما قال الشاعر

بصير بأعقاب الأمور برأيه ** كأن له في اليوم عينا على غد

وذلك أن نصر بن حجاج لما نفاه عمر إلى البصرة كان يدخل على مجاشع بن مسعود السلمي وكان به معجبا وكانت له امرأة يقال لها الخضيرا وكانت من أجمل النساء وكان لا يصبر عنها وهو يومئذ أمير على البصرة نيابة عن أبي موسى الأشعري فكان لشغفه بها يجمعهما في مجلسه فحانت يوما من مجاشع التفاتة ونصر بن حجاج يخط في الأرض خطوطا فقالت الخضيرا وأنا والله فعلم مجاشع أنه جواب كلام فقال ما قال لك قالت ما أصفى لقحتكم هذه فقال مجاشع ما أصفى لقحتكم هذه وأنا والله ما هذه لهذه أعزم عليك لما أخبرتيني قالت أما إذ عزمت فإنه قال ما أحسن شوار بيتكم فقال ما احسن شوار بيتكم وأنا والله ما هذه لهذه

وكان مجاشع لا يكتب وهي تكتب فدعا بإناء فكفاه على الخطوط ودعا كاتبا فقرأه فإذا هو إني لأحبك حبا لو كان فوقك لأظلك أو تحتك لأقلك فقال مجاشع هذه لهذه

وبلغ نصرا ما صنع مجاشع فاستحيا ولزم بيته وضنى حتى صار كالفرخ فقال مجاشع لامرأته اذهبي إليه وأسنديه إلى صدرك وأطعميه الطعام بيدك فأبت فعزم عليها فذهبت إليه فلما تحامل خرج من البصرة وكانوا لا يخفون من أمرائهم شيئا فأتى مجاشع أبا موسى فأخبره فقال أبو موسى لنصر أقسم بالله ما أخرجك أمير المؤمنين من خير اخرج عنا

فأتى فارس وعليها عثمان بن أبي العاص الثقفي فنزل على دهقانة فأعجبها فأرسلت إليه فبلغ ذلك عثمان بن أبي العاص فبعث إليه فقال ما أخرجك أمير المؤمنين وأبو موسى من خير أخرج عنا فقال والله لئن فعلتم لألحقن بالشرك

فكتب عثمان إلى ابي موسى وكتب أبو موسى إلى عمر

أخبرنا أبو أحمد عيسى بن عبد الكريم بن عساكر بن سعد القيسي قراءة عليه وأنا أسمع أخبرنا الشيخ تقي الدين إسماعيل بن إبراهيم بن أبي اليسر أخبرنا بركات ابن إبراهيم الخشوعي أخبرنا أبو محمد طاهر بن سهل بن بشر بن أحمد الإسفرايني أخبرنا ابو القاسم الحسين بن محمد بن إبراهيم الحنائي أخبرنا عبد الوهاب بن الحسن بن الوليد أخبرنا أحمد بن عمر بن يوسف حدثنا يونس أخبرنا ابن وهب أن مالكا أخبره

ح قال أحمد وحدثنا عيسى بن إبراهيم قال حدثنا ابن القاسم حدثني مالك عن عبد الله بن دينار قال خرج عمر بن الخطاب رضي الله عنه في الليل فسمع امرأة تقول

تطاول هذا الليل واسود جانبه ** وأرقني أن لا خليل ألاعبة

فوالله لولا الله أني أراقبه ** لحرك من هذا السرير جوانبه

فسأل عمر بن الخطاب رضي الله عنه ابنته حفصة كم أكثر ما تصبر المرأة عن زوجها فقالت ستة أشهر أو أربعة أشهر قال مالك الشك أربعة أو ستة لا أدري فقال عمر لا أحبس أحدا من الجيوش أكثر من ذلك

ليس في شيء من الكتب الستة

أخبرتنا سفري بنت يعقوب بن إسماعيل بن عبد الله بن عمر بن قاضي اليمن قراءة

عليها وأنا أسمع قالت أخبرنا جدي إسماعيل وأخوه إسحاق قالا أخبرنا عبد اللطيف ابن شيخ الشيوخ أخبرنا أبي شيخ الشيوخ أبو البركات إسماعيل بن أبي سعد بن أحمد النيسابوري الصوفي أخبرنا الشيخ الزاهد أبو القاسم علي بن محمد بن علي الكوفي النيسابوري سنة تسعين وأربعمائة سمعت القاضي أبا مسعود يعني صالح بن أحمد بن القاسم بن يوسف بن منابجي يقول سمعت أبا الحسن علي بن أحمد البصري الصوفي بصيدا يقول سمعت أبا الحسن علي بن أحمد بن صالح التمرا يقول سمعت أبا بكر محمد بن يحيى العدوي يقول سمعت عبد السميع بن سليمان يقول سمعت عبد الله بن المبارك يقول وقد بلغه عن ابن علية أنه ولى الصدقات بالبصرة فكتب إليه بهذه الأبيات

يا جاعل العلم له بازيا ** يصطاد أموال المساكين

احتلت للدنيا ولذاتها ** بحيلة تذهب بالدين

وصرت مجنونا بها بعدما ** كنت دواء للمجانين

أين رواياتك فيما مضى ** عن ابن عون وابن سيرين

أين رواياتك في سردها ** في ترك أبواب السلاطين

إن قلت أكرهت فما كان ذا ** زل حمار العلم في الطين

قال فلما بلغت هذه الأبيات ابن علية بكى واستعفى وأنشأ يقول

أف لدنيا أبت تواتيني ** إلا بنقضي لها عرى ديني

عيني لحيني ضمير مقلتها ** تطلب ما ساءها لترضيني

أخبرنا أبو عبد الله الحافظ بقراءتي عليه أخبرنا محمد بن قايماز الدقيقي وفاطمة بنت إبراهيم البطائحي قال ابن قايماز أخبرنا أبو المنجا عبد الله بن عمر اللتي

والحسين بن المبارك الزبيدي وقالت فاطمة أخبرنا ابن الزبيدي فقط قالا أخبرنا أبو الفتوح محمد بن محمد بن علي الطائي قال ابن اللتي سماعا وقال ابن الزبيدي إجازة أنشدنا تاج الإسلام أبو بكر محمد بن منصور السمعاني أنشدنا أبو غالب أنشدنا أبو القاسم بن بشران وقال وأنشدنا أبو بكر الآجري قال كان ابن المبارك كثيرا يتمثل بهذه الأبيات

اغتنم ركعتين زلفي إلى الله ** إذا كنت فارغا مستريحا

وإذا ما هممت بالنطق بالباطل ** فاجعل مكانه تسبيحا

فاغتنام السكوت أفضل من خوض ** وإن كنت بالكلام فصيحا

أخبرنا أبو العباس الأشعري بقراءتي عليه أخبرنا سليمان بن حمزة القاضي والحسن بن علي الخلال قالا أخبرنا جعفر بن الهمداني أخبرنا أبو طاهر السلفي أخبرنا أبو الغنائم محمد بن علي بن ميمون النرسي الحافظ بالكوفة أخبرنا أبو عبد الله محمد بن علي بن الحسن بن عبد الرحمن العلوي أخبرنا أبو المفضل محمد بن عبد الله بن المطلب الشيباني قال أملي علينا أبو محمد عبد الله بن سعيد بن يحيى الجزري القاضي بنصيبين حفظا في سنة سبع عشرة وثلاثمائة قال أملى علي محمد بن إبراهيم بن أبي سكينة البهراني من كتابه بحلب سنة ست وثلاثين ومائتين قال أملى علي عبد الله بن المبارك هذه الأبيات بطرسوس وودعته بالخروج للحج وأنفذها معي إلى الفضيل يعني ابن عياض وذلك سنة تسع وسبعين ومائة

يا عابد الحرمين لو أبصرتنا ** لعلمت أنك في العبادة تلعب

من كان يخضب جيده بدموعه ** فنحورنا بدمائنا تتخضب

أو كان يتعب خيله في باطل ** فخيولنا يوم الكريهة تتعب

ريح العبير لكم ونحن عبيرنا ** رهج السنابك والغبار الأطيب

ولقد أتانا عن مقال نبينا ** قول صحيح صادق لا يكذب

لا يستوي وغبار خيل الله في ** أنف امرىء ودخان نار تلهب

هذا كتاب الله ينطق بيننا ** ليس الشهيد بميت لا يكذب

وهذه الأبيات من مشاهير شعر ابن المبارك وقد كان من شعراء الأمة وقد اشتهرت له هذه الأبيات واشتهر له أيضا قوله

إني امرؤ ليس في ديني لغامزة ** لين ولست على الإسلام طعانا

فلا أسب أبا بكر ولا عمرا ** ولن أسب معاذ الله عثمانا

ولا الزبير حواري الرسول ولا ** أهدي لطلحة شتما عز أو هانا

ولا أقول علي في السحاب إذا ** قد فلت والله ظلما ثم عدوانا

ولا أقول بقول الجهم إن له ** قولا يضارع أهل الشرك أحيانا

ولا أقول تخلي من خليقته ** رب العباد وولي الأمر شيطانا

ما قال فرعون هذا في تجبره ** فرعون موسى ولا هامان طغيانا

وهي قصيدة طويلة منها

الله يدفع بالسلطان معضلة ** عن ديننا رحمة منه ورضوانا

لولا الأئمة لم تأمن لنا سبل ** وكان أضعفنا نهبا لأقوانا

وقيل إن هارون الرشيد أعجبه هذا ولما بلغه موت ابن المبارك أذن للناس أن يعزوه فيه وقال أليس هو القائل

الله يدفع

البيتين

قلت وأظن ان ابن المبارك قصد بهذه القصيدة معارضة عمران بن حطان الخارجي

كعاقر الناقة الأولى التي جلبت ** على ثمود بأرض الحجر خسرانا

قد كان يخبرهم أن سوف يخضبها ** قبل المنية أزمانا فأزمانا

فلا عفى الله عنه ما تحمله ** ولا سقى قبر عمران بن حطانا

بقوله بيت شعر ظل مجترما ** ونال ما ناله ظلما وعدوانا

من ضربة من كمي ما أراد بها ** إلا ليبلغ عند الله رضوانا

بل ضربة من غوى أوردته لظي ** مخلدا قد أتى الرحمن غضبانا

كأنه لم يرد قصدا بضربته ** إلا ليصلي عذاب الخلد نيرانا

وقال القاضي أبو الطيب الطبري

إني لأبرأ مما أنت ذاكره ** عن ابن ملجم الملعون بهتانا

إني لأذكره يوما فألعنه ** دينا وألعن عمران بن حطانا

عليك ثم عليه من جماعتنا ** لعائن كثرت سرا وإعلانا

فأنتما من كلاب النار جاء به ** نص الشريعة إعلانا وتبيانا

قلت وقد أورد القاضي الحسين في التعليقة أبيات القاضي أبي الطيب هذه

وفي بعض النسخ قال قاضي القضاة الذي قاله القاضي أبو الطيب خطأ لأن عمران صحابي لا تجوز اللعنة عليه

وفي الحاشية هذا غلو من قاضي القضاة فكيف لا يلعن عمران وطول في هذا المعنى

وعجبت من الأمرين اعتراضا وجوابا لبنائهما على اعتقاد أن عمران صحابي وليس عمران بصحابي وإنما هو رجل من الخوارج

وقال الإمام أبو المظفر طاهر بن محمد الإسفرايني في كتابه في الملل والنحل المسمى بالتبصير في الدين وذكر مقالات المخالفين وقد أجبت عنه بهذه الأبيات

كذبت وآيم الذي حج الحجيج له ** وقد ركبت ضلالا منك بهتانا

لتلقين بها نارا مؤججة ** يوم القيامة لا زلفى ورضوانا

تبت يداه لقد خابت وقد خسرت ** وصار أبخس من في الحشر ميزانا

هذا جوابي في ذا النذل مرتجلا ** أرجو بذاك من الرحمن غفرانا

وذكر القاضي الجليل سيف السنة ولسان الأمة أبو بكر الباقلاني رضي الله عنه في كتابه الجليل الملقب مناقب الأئمة وهو كتاب عظيم القدر حافل بين فيه أن الصحابة كلهم مأجورون على ما شجر بينهم وذكر أبيات ابن ملجم هذه وقال إن الحميري نقضها عليه بقوله

لا در در المرادي الذي سفكت ** كفاه مهجة خير الخلق إنسانا

أصبح مما تعاطاه بضربته ** مما عليه ذوو الإسلام عريانا

أبكى السماء لباب كان يعمره ** منها وحنت عليه الأرض تحنانا

طورا أقول ابن ملعونين ملتقط ** من نسل إبليس لا بل كان شيطانا

ويل امه أيما ذا لعنة ولدت ** لا إن كما قال عمران بن حطانا

عبد تحمل إثما لو تحمله ** ثهلان طرفة عين هد ثهلانا

أخبرنا أبي تغمده الله برحمته من لفظه قال أخبرنا أبو العباس أحمد بن أبي بكر ابن حامد الأرموي الصوفي بقراءتي عليه أخبرنا أبو القاسم عبد الرحمن بن مكي السبط أخبرنا جدي الحافظ أبو طاهر السلفي أخبرنا أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار بن أحمد الصيرفي بقراءتي أخبرنا أبو الحسين محمد بن محمد بن علي الوراق أخبرنا أبو أحمد عبد السلام بن الحسين بن محمد بن عبد الله بن طيفور البصري اللغوي قرأت علي

أبي عبد الله محمد بن أحمد بن يعقوب المتوثي بالبصرة وأبي الحسين محمد بن محمد بن جعفر بن لنكك اللغوي قالا حدثنا أبو عبد الله محمد بن زكريا بن دينار حدثنا عبد الله بن محمد يعني ابن عائشة حدثني أبي وغيره قال حج هشام بن عبد الملك في زمن عبد الملك أو الوليد فطاف بالبيت فجهد أن يصل إلى الحجر فيستلمه فلم يقدر عليه فنصب له منبر وجلس عليه ينظر إلى الناس ومعه أهل الشام إذ أقبل علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم وكان من أحسن الناس وجها وأطيبهم أرجا فطاف بالبيت فلما بلغ الحجر تنحى له الناس حتى يستلمه فقال رجل من أهل الشام من هذا الذي قد هابه الناس هذه الهيبة فقال هشام لا أعرفه مخافة أن يرغب فيه أهل الشام وكان الفرزدق حاضرا فقال الفرزدق لكني أعرفه قال الشامي من هو يا أبا فراس فقال الفرزدق

هذا الذي تعرف البطحاء وطأته ** والبيت يعرفه والحل والحرم

هذا ابن خير عباد الله كلهم ** هذا التقى النقي الطاهر العلم

إذا رأته قريش قال قائلها ** إلى مكارم هذا ينتهي الكرم

ينمي إلى ذروة العز التي قصرت ** عن نيلها عرب الإسلام والعجم

يكاد يمسكه عرفان راحته ** ركن الحطيم إذا ما جاء يستلم

يغضي حياء ويغضي من مهابته ** فما يكلم إلا حين يبتسم

من جده دان فضل الأنبياء له ** وفضل أمته دانت له الأمم

ينشق نور الهدى عن نور غرته ** كالشمس ينجاب عن إشرافها القتم

مشتقة من رسول الله نبعته ** طابت عناصره والخيم والشيم

هذا ابن فاطمة إن كنت جاهله ** بجده أنبياء الله قد ختموا

الله شرفه قدما وفضله ** جرى بذاك له في لوجه القلم

فليس قولك من هذا بضائره ** العرب تعرف من أنكرت والعجم

كلتا يديه غياث عم نفعهما ** يستوكفان ولا يعروهما العدم

سهل الخليفة لا تخشى بوادره ** يزينه اثنان حسن الخلق والكرم

حمال أثقال أقوام إذا قدحوا ** حلو الشمائل تحلو عنده نعم

لا يخلف الوعد ميمون نقيبته ** رحب الفناء أريب حين يعتزم

ما قال لا قط إلا في تشهده ** لولا التشهد كانت لاؤه نعم

عم البرية بالإحسان فانقلعت ** عنه الغيابة والإملاق والعدم

من معشر حبهم دين وبغضهم ** كفر وقربهم منجى ومعتصم

إن عد أهل التقى كانوا أئمتهم ** أو قيل من خير أهل الأرض قيل هم

لا يستطيع جواد بعد غايتهم ** ولا يدانيهم قوم وإن كرموا

هم الغيوث إذا ما أزمة أزمت ** والأسد أسد الشرا والبأس محتدم

لا ينقص العسر بسطا من أكفهم ** شتان ذلك إن أثروا وإن عدموا

يستدفع السوء والبلوى بحبهم ** ويستزاد به الإحسان والنعم

مقدم بعد ذكر الله ذكرهم ** في كل بدء ومختوم به الكلم

يأبى لهم أن يحل الذم ساحتهم ** خيم كريم وأيد بالندى هضم

أي الخلائق ليست في رقابهم ** لأولية هذا أو له نعم

من يعرف الله يعرف أولية ذا ** والدين من بيت هذا ناله الأمم

وهذا باب يختص بيسير مما بلغنا من أشعار حكيم العلماء

وعظيم الفقهاء عالم قريش وهادم لذات النفس في رضا الرحمن ومانعها من الطيش ابن عم المصطفى والمتجاوز قدره مكان الجوزاء شرفا ذو اللغة التي بها يحج والفصاحة والبلاغة اللذين إليهما يحج المتفقي عن بيضة بني مضر المترقي مكانه بما جمع من فخار ذوي البدو والحضر إمامنا المطلبي أبي عبد الله محمد بن إدريس الشافعي رحمه الله ورضى عنه

حدثنا الشيخ الإمام أبي تغمده الله برحمته من لفظه أخبرنا عبد الرحمن بن مخلوف بن جماعة سماعا عليه أخبرنا عبد الوهاب بن رواج

ح وأخبرنا يحيى بن يوسف بن أبي محمد المصري الصيرفي قراءة عليه وأنا أسمع أخبرنا ابن رواج إجازة أخبرنا الإمام أبو طاهر أحمد بن محمد السلفي الحافظ أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن علي العلاف أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عمر بن حفص

الحمامي حدثنا أبو بكر أحمد بن جعفر بن سلم الختلي حدثني أبو الحسن علي ابن إسحاق القاري حدثني أبو عمرو العثماني قال لما دخل الشافعي إلى مصر كلمه أصحاب مالك فأنشأ يقول

أأنثر درا بين راعية الغنم ** وأنثر منظوما لراعية النعم

لئن كنت قد ضيعت في شر بلدة ** فلست مضيعا بينهم غرر الكلم

فإن فرج الله الكريم بلطفه ** وأدركت أهلا للعلوم وللحكم

بثثت مفيدا واستفدت ودادهم ** وإلا فمخزون لدي ومكتتم

ومن منح الجهال علما أضاعه ** ومن منع المستوجبين فقد ظلم

أخبرنا محمد بن إسماعيل ابن الضياء الحموي قراءة عليه وأنا أسمع أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عبد الواحد بن البخاري سماعا اخبرنا الإمام أبو سعد عبد الله بن عمر بن أحمد بن منصور بن الصفار النيسابوري أخبرنا زاهر بن طاهر الشحامي

ح قال ابن البخاري وأخبرنا أبو الفتح منصور بن عبد المنعم بن عبد الله الفراوي أخبرنا أبو المعالي محمد بن إسماعيل بن محمد الفارسي قالا أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي الخسروجردي أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثني الزبير بن عبد الواحد الحافظ حدثني حمزة بن علي العطار بمصر حدثنا الربيع بن سليمان قال سئل الشافعي

عن القدر فأنشأ يقول

فما شئت كان وإن لم أشأ ** وما شئت إن لم تشأ لم يكن

خلقت العباد علي ما علمت ** ففي العلم يجري الفتى والمسن

على ذا مننت وهذا خذلت ** وهذا أعنت وذا لم تعن

فمنهم شقى ومنهم سعيد ** ومنهم قبيح ومنهم حسن

أخبرنا أبو عبد الله الحافظ بقراءتي عليه أخبرنا أبو عبد الله محمد بن قايماز الدقيقي وفاطمة بنت إبراهيم بن جوهر البطائحي قال الأول أخبرنا الحسين بن المبارك بن الزبيدي وأبو المنجا عبد الله بن عمر بن اللتي وقالت فاطمة أخبرنا ابن الزبيدي فقط

ح وكتب إلي أحمد بن أبي طالب عن ابن اللتي وابن الزبيدي قالا أخبرنا الإمام أبو الفتوح محمد بن محمد بن علي الطائي أخبرنا الشيخ أبو القاسم إسماعيل بن محمد بن أحمد الهروي الزاهري أخبرنا أبي أخبرنا زاهر بن أحمد أخبرنا أبو عمرو بن السماك أخبرنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن البراء عن المزني قال دخلت على الشافعي رضي الله عنه في مرضه الذي مات فيه فقلت كيف أصبحت قال أصبحت من الدنيا راحلا ولإخواني مفارقا ولسوء أفعالي ملاقيا وبكأس المنية شاربا فوالله ما أدري أروحي إلى الجنة تصير فأهنيها إو إلى النار فأعزيها وأنشد

ولما قسا قلبي وضاقت مذاهبي ** جعلت رجائي نحو عفوك سلما

تعاظمني ذنبي فلما قرنته ** بعفوك ربي كان عفوك أعظما

فما زلت ذا عفو عن الذنب لم تزل ** تجود وتعفو منة وتكرما

أخبرنا أبو العباس أحمد بن علي الحنبلي إذنا عن محمد بن عبد الهادي أخبرنا أبو طاهر السلفي في كتابه أخبرنا أحمد بن علي بن زكريا الصوفي أخبرنا هبة الله بن الحسن بن منصور الطبري أخبرنا محمد بن عبد الله بن نعيم إجازة أخبرنا الزبير بن عبد الواحد حدثنا محمد بن عبد الله بن محمد القطان حدثنا أبو عيسى محمد بن عياض بن أبي شحمة حدثنا محمد بن راشد أبو بكر الأصبهاني قال سمعت أبا إبراهيم إسماعيل بن يحيى المزني يقول أنشدني الشافعي رضي الله عنه من قيله

شهدت بأن الله لا شيء غيره ** وأشهد أن البعث حق وأخلص

وأن عري الإيمان قول مبين ** وفعل زكي قد يزيد وينقص

وأن أبا بكر خليفة ربه ** وكان أبو حفص على الخير يحرص

وأشهد ربي أن عثمان فاضل ** وأن عليا فضله متخصص

أئمة قوم يهتدي بهداهم ** لحا الله من إياهم يتنقص

فما لعتاة يشهدون سفاهة ** وما لسفيه لا يحيص ويحرص

أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وغيره عن عمر بن عبد المنعم بن القواس عن أبي مسعود عبد الجليل بن أبي غالب بن أبي المعالي السرنجاني أخبرنا هبة الله بن أحمد ابن محمد بن السماك البروجردي بهمذان أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن يوسف القرشي الهكاري أنشدني محمد بن عبد الله الفقيه البغدادي أنشدني القاضي أبو الطيب الطبري قال أنشدني بعضهم للشافعي رضي الله عنه

كل العلوم سوى القرآن مشغلة ** إلا الحديث وإلا الفقه في الدين

العلم ما كان فيه قال حدثنا ** وما سوى ذاك وسواس الشياطين

أخبرنا عبد الله بن محمد بن إبراهيم في كتابه أخبرنا أبو الحسن بن البخاري عن أسعد بن أبي طاهر الثقفي أخبرنا جعفر بن عبد الواحد الثقفي أخبرنا أبو طاهر محمد بن أحمد بن عبد الرحيم الكاتب أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان حدثنا محمد بن أحمد بن معدان قال سمعت الربيع بن سليمان يقول سمعت الشافعي رضي الله عنه يقول اشتريت جارية مرة وكنت أحبها فقلت لها

أليس شديدا أن تحب ** م فلا يحبك من تحبه

فقالت لي الجارية

ويصد عنك بوجهه ** وتلح أنت فلا تغبه

قلت وبلغنا أن الشافعي رأى امرأة فقال

إن النساء شياطين خلقن لنا ** نعوذ بالله من شر الشياطين

فقالت

إن النساء رياحين خلقن لكم ** وكلكم يشتهي شم الرياحين

أخبرنا أبو العباس ابن المظفر الحافظ بسويقا أخبرنا أبو الحسن علي بن أبي بكر الخلال حدثتنا كريمة بنت عبد الوهاب عن أبي يعلى حمزة بن علي الحبوبي حدثنا الفقيه نصر بن إبراهيم الزاهد من لفظه قال سمعت الشيخ أبا حامد أحمد بن أبي طاهر يقول قال الشافعي رضي الله عنه العلم جهل عند أهل الجهل كما الجهل جهل عند أهل العلم وأنشد

ومنزلة الفقيه من السفيه ** كمنزلة السفيه من الفقيه

فهذا زاهد في قرب هذا ** وهذا فيه أزهد منه فيه

وأخبرنا متصلا قاضي القضاة بدر الدين أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن سعد الله بن جماعة إجازة عن أبي الفضل إسماعيل بن الحسين العراقي عن الحافظ أبي موسى محمد بن أبي بكر عمر بن أبي عيسى أحمد المديني قال قرأت على أبي جعفر محمد بن عبد الله بن محمد بن سعيد في إحدى قدماته أصبهان عن كتاب أبي الحسن علي بن شجاع الشيباني قال سمعت أبا الحسن علي بن محمد بن محمد بن عثمان البغدادي الأديب المعروف بالطرازي بنيسابور قال سمعت أبا بكر محمد بن محمد يقول سمعت عبد الله بن محمد بن زياد النيسابوري يقول سمعت المزني يقول قال لي الشافعي يا أبا إبراهيم العلم جهل

عند أهل الجهل كما أن الجهل جهل عند أهل العلم ثم أنشأ الشافعي لنفسه البيتين بعينيهما غير أن في هذه الرواية فهذا زاهد في علم هذا

أخبرنا أبي تغمده الله برحمته أخبرنا أحمد بن محمد بن الحسن بن سالم بن الصواف بدمشق أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الصمد السخاوي أخبرنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد السلفي أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسن ابن الحسين الموازيني عن القاضي أبي عبد الله محمد بن سلامة بن جعفر القضاعي المصري كتابة قال قرأت على أبي عبد الله محمد بن أحمد بن محمد بن عمرو بن شاكر القطان حدثني الحسن بن علي بن محمد بن إسحاق الحلبي حدثني جداي محمد وأحمد قالا سمعنا جعفر بن أحمد بن الرواس بدمشق يقول سمعت الربيع بن سليمان يقول خرجنا مع الشافعي من مكة نريد مني فلم ننزل واديا ولم نصعد شعبا إلا وهو يقول

يا راكبا قف بالمحصب من مني ** واهتف بقاعد خيفها والناهض

سحرا إذا فاض الحجيج إلى منى ** فيضا كملتطم الفرات الفائض

إن كان رفضا حب آل محمد ** فليشهد الثقلان أني رافضي

أخبرتنا فاطمة بنت أبي عمر إذنا عن محمد بن عبد الهادي عن الحافظ أبي طاهر السلفي أخبرنا أبو الحسن الموازيني عن القاضي أبي عبد الله القضاعي أخبرنا أبو عبد الله القطان حدثني عبد الرحمن بن محمد بن الحسن بن يوسف الصدفي حدثنا أبو بكر محمد بن بشر العكري حدثنا الربيع بن سليمان قال سئل الشافعي عن مسألة فأعجب نفسه فأنشأ يقول

إذا المشكلات تصدينني ** كشفت حقائقها بالنظر

ولست بإمعة في الرجال ** أسائل هذا وذا ما الخبر

ولكنني مدره الأصغرين ** فتاح خير وفراج شر

قلت وسنذكر المسألة إن شاء الله تعالى في ترجمة أبي عبد الله البوشنجي محمد بن إبراهيم في الطبقة الثانية

أخبرنا الحافظ أبو العباس بن الممظفر بقراءتي عليه أخبرنا عمر بن عبد المنعم بن القواس سماعا أخبرنا القاضي عبد الصمد بن محمد الحرستاني كتابة أخبرنا نصر الله بن محمد المصيصي أخبرنا نصر بن إبراهيم المقدسي قال أنشدني بعض أصحابنا وقيل إنهما للشافعي رضي الله عنه

العلم من شرطه لمن خدمه ** أن يجعل الناس كلهم خدمه

وواجب صونه عليه كما ** يصون في الناس عرضه ودمه

فمن حوى العلم ثم أودعه ** بجهله غير أهله ظلمة

وكان كالمبتني البناء إذا ** تم له ما أراده هدمه

أخبرنا يحيى بن يوسف المصري قراءة عليه بالقاهرة أخبرنا ابن رواج إجازة أخبرنا السلفي سماعا أخبرنا أبو الحسن العلاف أخبرنا أبو الحسن الحمامي أخبرنا أبو بكر الختلي حدثني أبو بكر بن حمدان النيسابوري حدثنا علي بن سراج الجرشي حدثنا الربيع بن سليمان المرادي أنشدنا محمد بن إدريس الشافعي رحمة الله عليه

صديق ليس ينفع يوم بأس ** قريب من عدو في القياس

وما يبغى الصديق بكل عصر ** ولا الإخوان إلا للتآسي

عمرت الدهر ملتمسا بجهدي ** أخا ثقة فأكداه التماسي

تنكرت البلاد علي حتى ** كأن أناسها ليسوا بناسى

أخبرنا قاضي القضاة أبو عبد الله محمد بن إبراهيم الشافعي كتابة عن أبي الفضل ابن أبي العباس بن الحسين بن محمد بن أحمد الدمشقي عن الإمام أبي الخطاب عمر ابن محمد بن عبد الله بن معمر الدمشقي قال أخبرنا أبو القاسم عبد الرحمن بن الحسين بن عبد الله الكرماني أخبرنا أبو بكر محمد بن إسماعيل بن محمد القرشي التفليسي قال سمعت أبا عبد الرحمن السلمي يقول سمعت يحيى بن منصور يقول سمعت الوبري يقول سمعت الربيع بن سليمان يقول سمعت الشافعي يقول وقصده رجل يطلب منه شيئا فأعطاه ما أمكنه ثم أنشأ يقول

يا لهف نفسي على مال أفرقه ** على المقلين من اهل المروآت

إن اعتذاري إلى من جاء يسألني ** ما ليس عندي من إحدى المصيبات

قرأت على سيدنا قاضي القضاة عز الدين أبي عمر عبد العزيز بن قاضي القضاة بدر الدين محمد بن إبراهيم بن جماعة قلت له أخبرك أبو عمران موسى بن علي بن يوسف بن سنان القطبي المقري بقراءتك عليه قريء على أبي الفرج بن أبي محمد النميري وأنا أسمع عن أبي المكارم اللبان وغيره عن الحسن بن احمد بن الحسن الحداد أخبرنا أبو نعيم

أحمد بن عبد الله بن أحمد الأصبهاني الحافظ حدثنا أبو الفضل نصر بن أبي نصر الطوسي قال سمعت أبا الحسن علي بن أحمد البصري يقول حدثني بعض شيوخنا قال لما أشخص الشافعي إلى سر من رأى دخلها وعليه أطمار رثة وطال شعره فتقدم إلى مزين فاستقذره لما نظر إلى زيه فقال له امض إلى غيري فاشتد علي الشافعي أمره فالتفت إلى غلام كان معه فقال إيش معك من النفقة قال عشرة دنانير قال ادفعها إلى المزين فدفعها الغلام إليه فولى الشافعي وهو يقول

على ثياب لو يباع جميعها ** بفلس لكان الفلس منهن أكثرا

وفيهن نفس لو يقاس بمثلها ** نفوس الورى كانت أجل وأخطرا

وما ضر نصل السيف إخلاق غمده ** إذا كان غضبا حيث أنفذته برى

فإن تكن الأيام أزرت ببزتي ** فكم من حسام في غلاف مكسرا

وبه إلى أبي نعيم قال حدثنا أبو بكر أحمد بن القاسم البروجردي قال أملي علينا الزبير بن عبد الواحد الحافظ قال حدثني أبو بكر محمد بن مطير بمصر قال سمعت الربيع يقول سمعت الشافعي يقول

ليت الكلاب لنا كانت مجاورة ** وأننا لا نرى ممن نرى أحدا

إن الكلاب لتهدا في مرابضها ** والناس ليس بهاد شرهم أبدا

فأنج نفسك واستأنس بوحدتها ** تلفى سعيدا إذا ما كنت منفردا

وبه إلى أبي نعيم قال حدثنا محمد بن إبراهيم قال حدث شعيب بن محمد الدبيلي قال أنشدنا الربيع للشافعي ليت الكلاب الأبيات إلا أنه قال

في هذه الرواية وليتنا لا نرى وقال لتهدا في مواطنها وقال وأنت السعيد إذا ما كنت منفردا

وبه إليه قال حدثنا أبي قال حدثنا أحمد حدثنا أبو نصر قال سمعت أبا عبيد الله ابن أخي بن وهب يقول سمعت الشافعي يقول

وأنطقت الدراهم بعد صمت ** أناسا بعد أن كانوا سكوتا

فما عطفوا على أحد بفضل ** ولا عرفوا لمكرمة بيوتا

وبه إليه قال سمعت الحسن بن سفيان يقول سمعت حرملة بن يحيى يقول سمعت الشافعي يقول

تمنى رجال أن أموت وإن أمت ** فتلك سبيل لست فيها بأوحد

فقل للذي يبغي خلاف الذي مضى ** تهيأ لأخرى مثلها فكأن قد

وسبب هذين البيتين كما قال الحافظ ابن مندة أن الربيع حدث قال رأيت أشهب بن عبد العزيز ساجدا وهو يقول في سجوده اللهم أمت الشافعي وإلا يذهب علم مالك فبلغ الشافعي ذلك فتبسم وأنشأ يقول وذكر البيتين وبيتا ثالثا وهو

وقد علموا لو ينفع العلم عندهم ** لئن مت ما الداعي علي بمخلد

وبه إليه قال حدثنا الحسن بن سعيد بن جعفر حدثنا أبو زرارة الحراني قال سمعت الربيع بن سليمان يقول كنت عند الشافعي إذ جاءه رجل برقعة فقرأها ووقع فيها فمضى الرجل وتبعته إلى باب المسجد فقلت والله لا تفوتني فتيا الشافعي فأخذت الرقعة من يده فوجدت فيها

سل المفتي المكي هل في تزاور ** وضمة مشتاق الفؤاد جناح

فإذا قد وقع الشافعي

فقلت معاذ الله أن يذهب التقى ** تلاصق أكباد بهن جراح

قال الربيع فأنكرت على الشافعي أن يفتي لحدث بمثل هذا فقلت يا أبا عبد الله تفتي بمثل هذا لمثل هذا الشاب فقال لي يا أبا محمد هذا رجل هاشمي قد عرس في هذا الشهر يعني شهر رمضان وهو حدث السن فسأل هل عليه جناح أن يقبل أو يضم من غير وطء فأفتيته بهذا

قال الربيع فتبعت الشاب فسألته عن حاله فذكر لي أنه مثل ما قال الشافعي

قال فما رأيت فراسة أحسن منها

وبه إليه قال سمعت أبا بكر محمد بن أحمد بن عبد الله البيضاوي المقري قال سمعت أبا عبد الله المأموني يقول سمعت أبا حيان النيسابوري يقول بلغني أن عياشا الأزرق دخل على الشافعي يوما فقال يا أبا عبد الله قد قلت أبياتا إن أنت أجزت لي بمثلها لأتوبن أن لا أقول شعرا أبدا فقال له الشافعي إيه فأنشأ يقول

وما همتي إلا مقارعة العدا ** خلق الزمان وهمتي لم تخلق

والناس أعينهم إلى سلب الفتى ** لا يسألون عن الحجا والأولق

لو كان بالحيل الغنى لوجدتني ** بنجوم أقطار السماء تعلقي

فقال له الشافعي هلا قلت كما أقول استرسالا

إن الذي رزق اليسار فلن يصب ** حمدا ولا أجرا لغير موفق

فالجد يدني كل أمر شاسع ** والجد يفتح كل باب مغلق

وإذا سمعت بأن مجدودا حوى ** عودا فأثمر في يديه فحقق

وإذا سمعت بأن محروما أتى ** ماء ليشربه فغاض فصدق

وأحق خلق الله بالهم امرؤ ** ذو همة يبلى بعيش ضيق

ومن الدليل على القضاء وكونه ** بؤس اللبيب وطيب عيش الأحمق

وبه إليه قال حدثنا محمد بن عمر بن غالب حدثنا محمد بن الربيع بن سليمان بمكة حدثنا أبي قال قال أبو يعقوب البويطي قلت للشافعي قد قلت في الزهد فهل لك في الغزل شيء فأنشدني

يا كاحل العين بعد النوم بالسهر ** ما كان كحلك بالمنعوت للبصر

لو أن عيني إليك الدهر ناظرة ** جاءت وفاتي ولم أشبع من النظر

سقيا لدهر مضى ما كان أطيبه ** لولا التفرق والتنغيص بالسفر

إن الرسول الذي يأتي بلا عدة ** مثل السحاب الذي يأتي بلا مطر

وبه إليه قال حدثنا محمد بن إبراهيم حدثنا إبراهيم بن علي بن عبد الرحيم بالموصل يحكي عن الربيع قال سمعت الشافعي رضي الله عنه يقول في قصة ذكرها

لقد أصبحت نفسي تتوق إلى مصر ** ومن دونها أرض المهامه والقفر

فوالله ما أدري أللفوز والغنى ** أساق إليها أم أساق إلى قبري

وأخبرنا قاضي القضاة عز الدين بن جماعة بقراءتي عليه قلت له كتب إليكم أبو علي الحسن بن علي بن أبي بكر بن الخلال إجازة قال أخبرنا أبو الفضل جعفر ابن علي الهمداني قال أخبرنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد السلفي قال أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسن بن الحسين الموازيني قال أخبرنا القاضي ابو عبد الله محمد بن سلامة بن جعفر القضاعي إجازة قال قرأت على أبي عبد الله محمد بن أحمد بن محمد بن عمر بن شاكر القطان قال حدثنا الحسن بن إسماعيل المالكي قال حدثنا علي بن جعفر الرازي حدثنا يوسف بن عبد الأحد القمني حدثنا الربيع بن سليمان قال سمعت الشافعي يقول

وأنزلني طول النوي دار غربة ** يجاورني من ليس مثلي يشاكله

أحامقه حتى يقال سجية ** ولو كان ذا عقل لكنت أعاقله

وقرأت على ابن جماعة أيضا قال وأنبئت أعلا من هذا بدرجتين عن أبي الحسن علي بن المقير وغيره عن أبي المعالي الفضل بن سهل الإسفرايني

ح وقال ابن جماعة وانبئت عن المؤيد الطوسي وغيره عن محمد بن عبد الباقي الأنصاري كلاهما عن أبي بكر بن علي الحافظ قال حدثنا الزبير عن عبد الواحد حدثني عبد الله بن الحسن حدثني إبراهيم بن محمد بن الحسن المعروف بابن متويه حدثنا الربيع بن سليمان قال سمعت الشافعي رحمه الله تعالى يقول

وأنزلني طول النوى دار ذلة ** يصاحبني ‏.‏ ‏.‏ ‏.‏ ‏.‏ ‏.‏ ‏.‏ ‏.‏ ‏.‏ ‏.‏

البيتين

وبالإسناد المتقدم إلى أبي نعيم قال حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر حدثنا أبو الحسن البغدادي قال سمعت أبن أبي الصغير بمكة يقول سمعت المزني يقول قدم الشافعي

بعض قدماته من مكة فخرج إخوان له يتلقونه وإذا هو قد نزل منزلا وإلى جانبه رجل جالس وفي حجره عود فلما فرغوا من السلام عليه قالوا له يا أبا عبد الله أنت في مثل هذا المكان فأنشأ يقول

وأنزلني طول النوى دار غربة ** يجاورني من ليس مثلي يشاكله

فحامقته حتى يقال سجية ** ولو كان ذا عقل لكنت أعاقله

وبالإسناد إلى أبي نعيم قال حدثنا عبد الله بن محمد قال حدثنا أبو بكر بن معدان قال سمعت الربيع يقول سمعت الشافعي يقول اشتريت جارية وكنت أحبها فقلت لها

أليس شديدا أن تحب ** م فلا يحبك من تحبه

فقالت الجارية

ويصد عنك بوجهه ** وتلح أنت فلا تغبه

وبه إليه قال حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر حدثنا عبد الله بن محمد بن يعقوب حدثنا أبو حاتم حدثنا حرملة سمعت الشافعي يقول

ودع الذين إذا أتوك تنسكوا ** وإذا خلوا فهم ذئاب حقاف

وقرأت على قاضي القضاة عز الدين ابن جماعة قال أخبرني أبو علي بن الخلال إذنا بسنده المتقدم إلى أبي عبد الله القطان قال حدثنا الحسن بن بشر الأزدي والحسن بن إسماعيل بن محمد المالكي واللفظ له قالا حدثنا محمد بن بشر بن عبد الله قال سمعت الربيع بن سليمان يقول جاء رجل إلى الشافعي يسأله عن مسألة قرأي في عقله شيئا فأنشأ الشافعي يقول

جنونك مجنون ولست بواجد ** طبيبا يداوي من جنون جنون

ولا معنى للإكثار من ذكر شعر الشافعي رضي الله عنه وهو شيء قد طبق طبق الأرض وخلق رداء ليلها المسود ونهارها المبيض

وروى الحافظ أبو سعد في الذيل أن الإمام أبا محمد بن حزم قال من تختم بالعقيق وقرأ لأبي عمرو وتفقه للشافعي وحفظ قصيدة ابن زريق فقد استكمل ظرفه

قلت وقصيدة علي بن زريق الكاتب البغدادي غراء بديعة أخبرنا بها أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم الخباز قراءة عليه وأنا أسمع أخبرنا أبو الحسن ابن البخاري وأبو العباس أحمد بن شيبان بن تغلب الشيباني وزينب بنت مكي ابن علي الحراني إجازة قالوا أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن معمر بن طبرزد أخبرنا إبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن نبهان الغنوي أنشدنا أبو عبد الله محمد بن أبي نصر الحميدي أنشدني أبو غالب محمد بن أحمد بن سهل النحوي الواسطي المعروف بابن بشران بواسط أنشدني الأمير أبو الهيجا محمد بن عمران ابن شاهين أنشدني علي بن زريق أبو الحسن الكاتب البغدادي لنفسه

لا تعذليه فإن العذل يولعه ** قد قلت حقا ولكن ليس يسمعه

جاوزت في لومه حدا يضر به ** من حيث قدرت أن اللوم ينفعه

فاستعملي الرفق في تأنيبه بدلا ** من عنفه فهو مضني القلب موجعه

قد كان مضطلعا بالبين يحمله ** فضلعت بخطوب البين أضلعه

يكفيه من روعة التفنيد أن له ** من النوى كل يوم ما يروعه

ما آب من سفر إلا وأزعجه ** رأى إلى سفر بالعزم يجمعه

كأنما هو من حل ومرتحل ** موكل بفضاء الأرض يذرعه

إذا الزماع أراه في الرحيل غنى ** ولو إلى السند أضحى وهو يزمعه

تأبى المطامع إلا أن تجشمه ** للرزق كدا وكم ممن يودعه

وما مجاهدة الإنسان واصلة ** رزقا ولا دعة الإنسان تقطعه

والله قسم بين الخلق رزقهم ** لم يخلق الله مخلوقا يضيعه

لكنهم ملئوا حرصا فلست ترى ** مسترزقا وسوى الفاقات تقنعه

والحرص في الرزق والأرزاق قدقسمت ** بغى ألا إن بغى المرء يصرعه

والدهر يعطي الفتى ما ليس يطلبه ** يوما ويطعمه من حيث يمنعه

أستودع الله في بغداد لي قمرا ** بالكرخ من فلك الأزرار مطلعه

ودعته وبودي أن يودعني ** صفو الحياة وأني لا أودعه

وكم تشفع بي أن لا أفارقه ** وللضرورات حال لا تشفعه

وكم تشبث بي يوم الرحيل ضحى ** وأدمعي مستهلات وأدمعه

لا أكذب الله ثوب العذر منخرق ** عني بفرقته لكن أرقعه

إني أوسع عذري في جنايته ** بالبين عني وقلبي لا يوسعه

أعطيت ملكا فلم أحسن سياسته ** وكل من لا يسوس الملك يخلعه

ومن غدا لابسا ثوب النعيم بلا ** شكر عليه فعنه الله ينزعه

اعتضت من وجه خلي بعد فرقته ** كأسا تجرع منها ما أجرعه

كم قائل لي ذقت البين قلت له ** الذنب والله ذنبي لست أرقعه

إني لأقطع أيامي وأنفذها ** بحسرة منه في قلبي تقطعه

بمن إذا هجع النوام أبت له ** بلوعة منه ليلى لست أهجعه

لا يطمئن بجنبي مضجع وكذا ** لا يطمئن له مذ بنت مضجعه

ما كنت أحسب ريب الدهر يفجعني ** به ولا أن بي الأيام تفجعه

حتى جرى البين فيما بيننا بيد ** عسراء تمنعني حظي وتمنعه

بالله يا منزل القصر الذي درست ** آثاره وعفت مذ بنت أربعة

هل الزمان معيد فيك لذتنا ** أم الليالي التي أمضت ترجعه

في ذمة الله من أصبحت منزله ** وجاد غيث على مغناك يمرعه

من عنده لي عهد لا يضيعه ** كما له عهد صدق لا أضيعه

ومن يصدع قلبي ذكره وإذا ** جرى على قلبه ذكرى يصدعه

لأصبرن لدهر لا يمتعني ** به كما أنه بي لا يمتعه

علما بأن اصطباري معقب فرجا ** فأضيق الأمر إن فكرت أوسعه

عسى الليالي التي أضنت بفرقتنا ** جسمي تجمعني يوما وتجمعه

وإن ينل أحد منا منيته ** فما الذي في قضاء الله يصنعه

وذكر ابن السمعاني لهذه القصيدة قصة عجيبة فروى بسنده أن رجلا من أهل بغداد قصد أبا عبد الرحمن الأندلسي وتقرب إليه بنسبه فأراد أبو عبد الرحمن أن يبلوه ويختبره فأعطاه شيئا نزرا فقال البغدادي إنا لله وإنا إليه راجعون سلكت البراري والقفار والمهامه والبحار إلى هذا الرجل فأعطاني هذا العطاء النزر فانكسرت إليه نفسه فاعتل ومات وشغل عنه الأندلسي إياما ثم سأل عنه فخرجوا يطلبونه فانتهوا إلى الخان الذي هو فيه وسألوا الخانية عنه فقالت إنه كان في هذا البيت ومذ أمس لم أبصره فصعدوا فدفعوا الباب فإذا هو ميت وعند رأسه رقعة فيها مكتوب

لا تعذليه فإن العذل يولعه ** قد قلت حقا ولكن ليس يسمعه

وذكر أبياتا من القصيدة غير تامة

قال فلما وقف أبو عبد الرحمن على هذه الأبيات بكى حتى خضب لحيته وقال وددت أن هذا الرجل حي وأشاطره نصف ملكي

وكان في رقعة الرجل منزلي ببغداد في الموضع الفلاني المعروف بكذا والقوم يعرفون بكذا فحمل إليهم خمسة آلاف دينار وعرفهم موت الرجل

قلت وعلي بن زريق الكاتب صاحب هذه القصيدة هو القائل حضرت مجلس القتبي صاحب بيت حكمة المأمون وعنده فتيان أربعة قد نظروا في الأخبار ورووا الأشعار وتأدبوا بفنون الآداب وكل فتى منهم ينتمي إلى جنس ويقول بتفضيله فقال القتبي وقد طال بهم المراء ليقل كل واحد منكم في مجلسه بيتي شعر في فضل قومه فقال المنتمي إلى الفرس

نحن الملوك وأبناء الملوك لنا ** علم السياسة والتدبير والكتب

ونحن من نسل إسحاق الذبيح وفي ** مجد النبيين ظل المجد والحسب

وقال المنتمي إلى العرب

فينا الشجاعة طبع والسخاء كما ** فينا الدهاء وفينا الظرف والأدب

ونحن من نسل إسماعيل قاطبة ** لا ينكر الناس قولي حين أنتسب

وقال المنتمي إلى الروم

الروم قوم لهم حلم وتجربة ** وحسن خلق وعلم بارع عجب

وهم بنو العيص والأملاك لاكذب ** ولبسهم شقق الديباج والذهب

وقال المنتمي إلى الترك

الترك لم يملكوا في دار ملكهم ** والفرس قد ملكوا والروم والعرب

هذا لعمرك فضل ليس يجحده ** إلا حسود عنيد ما له أدب

قال علي بن زريق فعجبت من افتخار التركي عليهم

قلت لو أن العربي قال

فينا الشجاعة طبع والسخاء كما ** فينا الدهاء وفينا الظرف والأدب

وأحمد المصطفى الهادي النبي وذا ** هو الفخار الذي سادت به العرب

أو لو قال

ما الفرس ما الروم ما الأتراك نحن بنو ** عدنان فينا الحجا والجود والأدب

هذا وإن لنا بالمصطفى حسبا ** به على كل ندب سادت العرب

لكان قد أفحم الكل وافتخر عليهم

وقريب من هذا ما يعجبني من عائشة بنت طلحة بن عبيد الله وهي بنت أم كلثوم بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنه وعائشة أم المؤمنين خالتها وكانت هذه عائشة بنت طلحة على ما يقول المؤرخون أجمل نساء زمانها وأظرفهن وأخبارها في هذا الشأن كثيرة وقد تزوجها مصعب بن الزبير وجمع بينها وبين سكينة بنت الحسين بن علي

حجت عائشة بنت طلحة في ستين بغلا عليها الهوادج وفي حشمة زائدة وكانت سكينة أيضا قد حجت معها فكانت عائشة أحسن آلة وثقلا فأخذ الحداة يتراجزون بمن حملن فقال حادي عائشة

عائش يا ذات البغال الستين ** لا زلت ما عشت كذا تحجين

فشق ذلك على سكينة فنزل حاديها وقال

عائش هذي ضرة تشكوك ** لولا أبوها ما اهتدى أبوك

فأمرت عائشة حاديها حينئذ أن يكف فكف فلله درها حيث كفت موضع الانكفاف أدبا مع رسول الله فقد كان الأمر والمفاخرة في الدنيا هزلا

فقلبته سكينة بذكر رسول الله جدا فأفحمت خصمها وأقامت عليه الحجة فلله درها من مناظرة عرفت مواقع الجدل ودر خصمتها من مذعنة للحق منقادة إلى الصدق

وكذلك لا يستثقل حامل هذه الطبقات ما اشتملت عليه من كثرة الأسانيد فهي لعمر الله بهجة هذا الكتاب وزينة هذا الجامع لمحاسن الأصحاب وواسطة هذا العقد الآخذ بعقول أولى الألباب ولقد يعز على أبناء الزمان جمعها ويبعد منهم وقد ركبوا الهوينا وركنوا إلى الدعة وضعها ويتعذر عليهم وهم الذين قنع الفاضل منهم بحاجة في نفسه من اسم التصنيف قضاها صنعها فإنهم رفضوا طلب الحديث بالكلية فضلا عن جمعه بالأسانيد ونقضوا قواعد الأئمة الذين قال منهم سفيان الثوري رضي الله عنه

الإسناد زين الحديث فمن اعتني به فهو السعيد

ودحضوا قول عبد الله بن المبارك الإسناد من الدين

وقول الثوري قبله الإسناد سلاح المؤمن

وأحمد بن حنبل بعده طلب علو الإسناد من الدين فباءوا بإثم عظيم وعذاب شديد

فالحق قول ابن المبارك لولا الإسناد لقال من شاء ما شاء وطريق حفاظ هذا الحديث الذين قال منهم قائل مثل الذي يطلب دينه بلا إسناد مثل الذي يرتقي السطح بلا سلم فأنى يبلغ السماء

وقال منهم الأوزاعي ما ذهاب العلم إلا ذهاب الإسناد

وقال يزيد بن زريع لكل دين فرسان وفرسان هذا الدين أصحاب الأسانيد

فرضى الله عنهم هم القوم بهم كمل الله النعماء فأين أهل عصرنا من حفاظ هذه الشريعة

أبي بكر الصديق وعمر الفاروق وعثمان ذو النورين وعلي الرضا والزبير وطلحة وسعد وسعيد وعبد الرحمن بن عوف وأبي عبيدة بن الجراح وابن مسعود وأبي بن كعب وسعد بن معاذ وبلال بن رباح وزيد بن ثابت وعائشة وأبي هريرة

وعبد الله بن عمرو بن العاص وابن عمر وابن عباس وأبي موسى الأشعري

ومن طبقة أخرى من التابعين

أويس القرني وعلقمة بن قيس والأسود بن يزيد ومسروق بن الأجدع وابن المسيب وأبي العالية وشقيق أبي وائل وقيس بن أبي حازم وإبراهيم النخعي وأبي الشعثاء والحسن البصري وابن سيرين وسعيد بن جبير وطاوس والأعرج وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة وعروة بن الزبير وعطاء بن أبي رباح وعطاء بن يسار والقاسم بن محمد وأبي سلمة بن عبد الرحمن وثابت البناني وأبي الزناد وعمرو بن دينار وأبي إسحاق السبيعي والزهري ومنصور بن المعتمر ويزيد بن أبي حبيب وأيوب السختياني ويحيى بن سعيد وسليمان التيمي وجعفر بن محمد وعبد الله بن عون وسعيد بن أبي عروبة وابن جريج وهشام الدستوائي

طبقة أخرى

والأوزاعي والثوري ومعمر بن راشد وشعبة بن الحجاج وابن أبي ذئب ومالك والحسن بن صالح والحمادين وزائدة بن قدامة وسفيان بن عيينة وعبد الله بن المبارك وابن وهب ومعتمر بن سليمان ووكيع بن الجراح ويزيد ابن زريع ويزيد بن هارون وأبي بكر بن عياش

أخرى

والشافعي وعفان بن مسلم وآدم بن أبي إياس وأبي اليمان وأبي داود الطيالسي وسعيد بن منصور وأبي عاصم النبيل والقعنبي وأبي مسهر وعبد الرزاق بن همام

أخرى

وأحمد بن حنبل وأحمد بن إبراهيم الدورقي وأحمد بن صالح المصري وأحمد بن منيع وإسحاق بن راهوية والحارث بن مسكين وحيوة بن شريح الحمصي وخليفة

ابن خياط وزهير بن حرب وشيبان بن فروخ وأبي بكر بن أبي شيبة وعلي بن المديني وعمرو بن محمد الناقد وقتيبة بن سعيد ومحمد بن بشار بندار ومحمد ابن المثنى ومسدد بن مسرهد وهشام بن عمار ويحيى بن معين ويحيى بن يحيى النيسابوري

أخرى

ومحمد بن يحيى الذهلي والبخاري وأحمد بن سيار المروزي وأبي بكر الأثرم وعبد بن حميد الكشي وعمر بن شبة

أخرى

وأبي داود السجستاني وصالح جزرة والترمذي وابن ماجه

أخرى

وعبدان عبد الله بن أحمد الأهوازي والحسن بن سفيان وجعفر الفريابي والنسائي وأبي يعلى أحمد بن المثنى ومحمد بن جرير وابن خزيمة وأبي القاسم البغوي وأبي بكر عبد الله بن أبي داود وأبي عروبة الحراني وأبي عوانة الإسفرايني ويحيى بن محمد بن صاعد

أخرى

وأبي بكر بن زياد النيسابوري وأبي حامد بن محمد بن الشرقي وأبي جعفر محمد بن عمرو العقيلي وأبي العباس الدغولي وعبد الرحمن بن أبي حاتم وأبي العباس بن عقدة وخيثمة بن سليمان الأطرابلسي وعبد الباقي بن قانع وأبي علي النيسابوري

أخرى

وأبي القاسم الطبراني وأبي حاتم محمد بن حبان وأبي علي ابن السكن وأبي بكر

الجعابي وأبي بكر أحمد بن محمد السني الدينوري وأبي أحمد عبد الله بن عدي الجرجاني وأبي الشيخ عبد الله بن محمد بن حيان وأبي بكر أحمد بن إبراهيم الإسماعيلي وأبي الحسين محمد بن المظفر وأبي أحمد الحاكم وأبي الحسن الدارقطني وأبي بكر الجوزقي وأبي حفص ابن شاهين

أخرى

وأبي عبد الله بن مندة وأبي عبد الله الحسين بن أحمد بن بكير وأبي عبد الله الحاكم وعبد الغني بن سعيد الأزدي وأبي بكر بن مردوية وأبي عبد الله محمد بن أحمد غنجار وأبي بكر البرقاني وأبي حازم البعدوي وحمزة السهمي وأبي نعيم الأصبهاني

أخرى

وأبي عبد الله الصوري والخطيب والبيهقي وابن حزم وابن عبد البر وأبي الوليد الباجي وأبي صالح المؤذن

أخرى

وأبي إسحاق الحبال وأبي نصر بن مأكولا وأبي عبد الله الحميدي وأبي علي الغساني وأبي الفضل محمد بن طاهر المقدسي وأبي علي بن سكرة

أخرى

وأبي عامر محمد بن سعدون العبدري وأبي القاسم التيمي وأبي الفضل بن ناصر وأبي العلاء الهمذاني وأبي طاهر السلفي وأبي القاسم بن عساكر وأبي سعد السمعاني وأبي موسى المديني وخلف بن بشكوال وأبي بكر الحازمي

أخرى

وعبد الغني المقدسي وابن الأخضر وعبد القادر الرهاوي والقاسم بن عساكر

أخرى

وأبي بكر بن نقطة وابن الزينبي وأبي عبد الله محمد بن عبد الواحد بن أحمد المقدسي وابن الصلاح وإبراهيم الصريفيني والحافظ يوسف بن خليل

أخرى

وعبد العظيم المنذري ورشيد الدين العطار وابن مسدي

أخرى

والنووي والدمياطي وابن الظاهري وعبيد الإسعردي ومحب الدين الطبري وشيخ الإسلام تقي الدين بن دقيق العبد

أخرى

والقاضي سعد الدين الحارثي والحافظ أبي الحجاج المزي والشيخ تقي الدين ابن تيمية والشيخ فتح الدين بن سيد الناس والحافظ قطب الدين عبد الكريم الحلبي والحافظ علم الدين البرزالي وشيخنا الذهبي والشيخ الوالد

أخرى

والحافظ أبي العباس بن المظفر والحافظ صلاح الدين العلائي

فهؤلاء مهرة هذا الفن وقد أغفلنا كثيرا من الأئمة وأهملنا عددا صالحا من المحدثين وإنما ذكرنا من ذكرناه لننبه بهم على من عداهم ثم أفضى الأمر إلى طي بساط الأسانيد رأسا وعد الأكابر منها جهالة ووسواسا

وكذلك لا يهون الفقيه أمر ما نحكيه من غرائب الوجوه وشواذ الأقوال وعجائب الخلاف قائلا حسب المرء ما عليه الفتيا فليعلم أن هذا هو المضيع للفقيه أعني الاقتصار على ما عليه الفتيا فإن المرء إذا لم يعرف علم الخلاف والمأخذ لا يكون فقيها إلى أن يلج الجمل في سم الخياط وإنما يكون رجلا ناقلا نقلا مخبطا حامل فقه إلى غيره لا قدرة له على تخريج حادث بموجود ولا قياس مستقبل بحاضر ولا إلحاق شاهد بغائب وما أسرع الخطأ إليه وأكثر تزاحم الغلط عليه وأبعد الفقه لديه

أخبرنا الشيخ الإمام الوالد تغمده الله برحمته قراءة عليه وأنا أسمع قال أخبرنا الحافظ أبو محمد الدمياطي قال أخبرنا الحافظ أبو الحجاج بن خليل قال أخبرنا أبو الخير سلامة بن إبراهيم الحنبلي قراءة علينا من لفظه أخبرنا أبو المكارم عبد الواحد بن محمد بن المسلم بن الحسن بن هلال أخبرنا أبو الفضل عبد الكريم بن المؤمل الكفرطابي حدثنا أبو محمد عبد الرحمن بن عثمان بن القاسم بن أبان بن أبي نصر التميمي أخبرنا أبو الحسن خيثمة بن سليمان بن حيدرة القرشي أخبرنا العباس بن الوليد بن مزيد العذري ببيروت أخبرنا محمد بن شعيب ابن شابور أخبرني عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه زيد بن أسلم مولى عمر بن الخطاب عن أنس بن مالك قال سمعت رسول الله يقول نضر الله عبدا سمع مقالتي هذه ثم وعاها وحملها رب حامل فقه غير فقيه ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه ثلاث لا يغل عليهن قلب مؤمن إخلاص العمل لله ومناصحة ولاة الأمر والاعتصام بجماعة المسلمين فإن دعوتهم تحيط من ورائهم

ليس هذا المتن من حديث أنس في شيء من الكتب الستة

وأخبرنا الحافظ أبو العباس بن المظفر قراءة عليه وأنا أسمع أخبرنا أحمد بن هبة الله بن عساكر عن أبي روح عبد المعز بن محمد الهروي قال أخبرنا زاهر بن طاهر الشحامي أخبرنا أبو عامر الحسن بن محمد النسوي إجازة أخبرنا أبو بكر محمد بن إبراهيم الحافظ أخبرنا أبو يعلى الموصلي حدثنا عبد الله بن محمد بن سالم حدثنا عبيدة بن الأسود عن القاسم بن الوليد عن الحارث العكلي عن إبراهيم عن الأسود عن ابن مسعود قال قال رسول الله نضر الله امرأ سمع مقالتي فحفظها فإنه رب حامل فقه غير فقيه ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه

رواه الترمذي في العلم عن محمود بن غيلان عن أبي داود عن شعبة عن سماك بن حرب عن عبد الرحمن بن عبد الله عن أبيه عبد الله بن مسعود فذكره ولفظه سمعت رسول الله يقول نضر الله امرأ سمع منا شيئا فبلغه كما سمعه فرب مبلغ أوعى من سامع

ورواه الترمذي أيضا عن ابن أبي عمر عن سفيان عن عبد الملك بن عمير عن عبد الرحمن نحوه

وابن ماجه في السنة عن محمد بن بشار ومحمد بن الوليد كلاهما عن غندر عن شعبة عن سماك به مختصرا

والحديث أيضا مخرج في أبي داود والنسائي والترمذي أيضا من حديث زيد ابن ثابت

وكذلك لا يستطيل علينا المحدث بكثرة ما نورده من الحكايات والكائنات فإنا لم نضع الكتاب إلا حاويا مغنيا ناظره عن الالتفات إلى غيره من التواريخ فهو في الحقيقة بستان الفقهاء وربيع المناظرين والمجموع الجموع والمحمول على الرءوس الموضوع الذي تبرجت تبرج الجاهلية الأولى غير متلفعات بمروطهن فوائده وتأرجت ولا أرج السحر نسمات كلماته التي لها طارف الفضل وتالده وتخرجت كأنها على يد ابن عساكر جنود أحاديثه المجيدة وما هي إلا جند الإسلام وتعلقت كأنها على جيد الكواعب قلائده التي تقود إلى الجنة بسلام

وكذلك لا يستثقل الناظر في هذا المجموع حكاية المناظرات بحروفها والمشاجرات على اختلاف صنوفها فلنذكر من مناظرات الأصحاب في محاسن الجدال ومبارزات الفحول في ميادين المقال وتشعب الآراء في محافل النظر وتشتت العلماء في جحافل الخطر وتطاعن الأقران في مقام التحقيق وتشاجر الخصوم عند كل مضيق ما يشهد لمكان ذويها بمزيد الارتفاع وعظيم الاطلاع والقدرة على الاستنباط والقوة على دفع ذي الاشتطاط لتجري طلبة هذا الزمان على الهمم بدل الدمع نجيعا ولتقف عند مقدارها ولا تقول كم ترك الأول للآخر فقد أحرز الأولون قصب السبق جميعا وليعلم أن الجهل استولى على بني الزمان استيلاء الملك في محله وأن العلم ولى والله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من العلماء ولكن يقبض أهله

أخبرنا أبي تغمده الله برحمته بقراءتي عليه أخبرنا عبد المؤمن بن خلف الحافظ أخبرنا يوسف بن خليل الحافظ أخبرنا إسماعيل بن أبي بكر بن علي البغدادي أخبرنا المبارك بن علي بن عبد العزيز أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن هزارمرد الصريفيني أخبرنا أبو الحسين محمد بن عبد الله بن أخي ميمي وأبو حفص وعمر ابن إبراهيم الكتاني قالا حدثنا عبد الله بن محمد البغوي حدثنا أبو خيثمة زهير ابن حرب حدثنا وكيع

ح وأخبرنا أبي رحمه الله سماعا أخبرنا أبو محمد الدمياطي الحافظ أخبرنا أبو الحجاج الدمشقي أخبرنا خليل بن أبي الرجا أخبرنا الحسن بن أحمد الحداد أخبرنا أبو نعيم الصوفي الحافظ أخبرنا أحمد بن يوسف بن خلاد العطار النصيبي ببغداد حدثنا الحارث بن محمد بن أبي أسامة حدثنا محمد بن عبد الله بن كناسة

ح وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ بقراءتي عليه أخبرنا علي بن أحمد الغرافي أخبرنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن عمر القطيعي أخبرنا جمال الإسلام أبو الحسن محمد بن المبارك بن الخل أخبرنا نصر بن أحمد بن البطر أخبرنا عبد الله بن عبيد الله البيع حدثنا الحسين بن إسماعيل المحاملي حدثنا إسحاق بن بهلول

ح وأخبرنا أحمد بن علي بن الحسن الجزري قراءة عليه وأنا أسمع أخبرنا محمد بن عبد الهادي حضورا والمحب عبد الله بن أحمد بن محمد المقدسي سماعا قال ابن عبد الهادي أخبرنا السلفي وشهدة إجازة قال السلفي أخبرنا أبو سعد الحسين بن الحسين الفانيدي وأبو مسلم عبد الرحمن بن عمر السمناني وأبو سعد محمد بن عبد الملك السمان

وقالت شهدة أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسين بن أيوب وقال المحب أخبرنا أبو جعفر محمد بن عبد الكريم السيدي أخبرنا أبو الحسين عبد الحق بن عبد الخالق ابن يوسف حدثنا محمد بن عبد الملك الأسدي أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد بن شاذان أخبرنا أبو بكر أحمد بن سليمان بن أيوب بن إسحاق بن عبدة حدثنا علي ابن حرب الطائي حدثنا سفيان يعني ابن عيينة قالوا حدثنا هشام ابن عروة عن أبيه عن عبد الله بن عمرو عن النبي قال إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينزعه من الناس ولكن يقبض العلماء فإذا لم يبق عالم اتخذ الناس رءوسا جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا

أخرجه البخاري في العلم عن إسماعيل بن أبي أويس عن مالك عن هشام ابن عروة به

وفي الاعتصام عن سعيد بن تليد عن ابن وهب عن عبد الرحمن بن شريح وغيره جميعا عن أبي الأسود محمد بن عبد الرحمن يتيم عروة نحوه

ومسلم في القدر عن قتيبة عن جرير وعن أبي الربيع الزهراني عن حماد ابن زيد وعن يحيى بن يحيى عن عباد بن عباد وأبي معاوية وعن أبي بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب كلاهما عن وكيع وعن أبي كريب عن عبد الله بن إدريس وأبي أسامة وعبد الله بن نمير وعبدة بن سليمان وعن ابن أبي عمر عن سفيان بن عيينة وعن محمد بن حاتم عن يحيى بن سعيد وعن أبي بكر بن نافع عن عمر بن علي المديني وعن عبد بن حميد عن يزيد بن هارون عن شعبة الثلاثة عشر كلهم عن هشام بن عروة به